ثواب طاعاته ثم اختلفا فقال الجبائي إذا زادت الطاعات أحبطت الزلات بأسرها من غير أن ينقص من ثواب الطاعات شئ وإذا زادت أحبطت الطاعات برمتها من غير أن ينقص من عقاب الزلات شئ وقال الإمام الرازي مذهب الجبائي إن الطارئ من الطاعات أو المعصية يبقى بحاله ويسقط من السابق بقدره ومذهب ابنه أنه يقابل إجزاء الثواب بإجزاء العقاب فيسقط المتساويان ويبقى الزائد وعلى هذا يحمل قوله (وقال الجبائي يحبط من الطاعات) أي السابقة (بقدر المعاصي) الطارئة من غير أن ينقص من المعاصي شئ أصلا (فإن بقي له) من تلك الطاعات (زائدا) على قدر المعاصي (أثيب به وإلا فلا ولا يخفى أنه تحكم وليس إبطال الطاعات بالمعاصي) أي إبطال قدر من الطاعات السابقة بمساويه من المعاصي الطارئة (أولى من العكس) لأنه إبطال أحد المتساويين بالآخر (بل العكس) ههنا (أولى لما مر) من أن الحسنة تجزى بعشر أمثالها والسيئة لا تجزى إلا بمثلها (وقال أبو هاشم بل يوازن بين طاعاته ومعاصيه فأيهما رجح أحبط الآخر) وينحبط من الراجح أيضا ما يساوي مقدار المرجوح ويبقي الزائد فيكون الراجح حينئذ قد أحبط المرجوح على هذا الوجه الذي لا يستلزم ترجيح أحد المتساويين على الآخر (ولما أبطلنا الأصل) الذي هو استحقاق العقاب والثواب بالمعصية والطاعة (
بطل الفرع) المبني عليه وهو الاحباط مطلقا سواء كان بطريق الموازنة أو غيرها (ثم نقول لهم) أي للبهشمية (كل واحد من الاستحقاقين) المتساويين (لو أبطل الآخر فأما معا فيكون الشئ موجودا حال كونه معدوما) لأن وجود كل منهما يقارن عدم الآخر فيلزم عدمهما معا حال وجودهما معا (أولا) معا (بل ينعدم أحدهما
فيبطل الآخر ثم يكر) الآخر (عليه فيغلبه وأنه باطل لأنه لما كان قاصرا عن الغلبة قبل حتى صار مغلوبا فكيف) لا يكون قاصرا عنها (إذا صدر مغلوبا وقد يجاب) بأن كل واحد من العلمين يؤثر في الاستحقاق الناشئ من الآخر
____________________
تعالى (قوله أثيب به) إن قلت ما معنى الثواب به وأنه منفعة خالصة دائمة مع أن مرتكب الكبيرة مخلد في النار وسيجئ أن الإيمان عبارة عن الأعمال عندهم قلت لعل مراده أنه يثاب به بعد التوبة وبشرط تكميل الإيمان (قوله بالعكس أولى) قد يجاب عنه بأن هذا إنما يتم أن لو اعتبر عدد الطاعات والمعاصي وليس كذلك بل المعتبر إجزاؤها كما مر فيوازن أجور حسنة واحدة أوزار عشر سيئات (قوله وقال أبو هاشم بل يوازن) يؤيد مذهبه قوله تعالى وأما من ثقلت موازينه فهو في عيشة راضية الآية (قوله فيكون الشئ موجودا حال كونه معدوما) هذا على قول الجمهور من أن المعلول مع العلة أما إذا جوز أن يكون آن البطلان يعقب آن المجامعة