ويؤيد ما قررناه قول الآمدي حيث قال وإنما قلنا عند كونه أهلا لفعله في المستقبل احترازا عما إذا زنى ثم جب أو كان مشرفا على الموت فإن العزم على ترك الفعل في المستقبل غير متصور منه لعدم تصور الفعل منه ومع ذلك فإنه إذا ندم على ما فعل صحت توبته بإجماع السلف وقال أبو هاشم الزاني إذا جب لا تصح توبته لأنه عاجز عنه وهو باطل بما إذا تاب عن الزنا وغيره وهو في مرض مخيف فإن توبته صحيحة بالإجماع وإن كان جاز ما يعجزه عن الفعل في المستقبل هذه عبارته وأيضا فقول المصنف لم يكن ذلك توبة منه يدل على أنه مختار الكل أو الأكثر فينا فيه ما صرح به من أن توبة المجبوب صحيحة عند غير أبي هاشم فتدبر * البحث (الثاني في أحكامها * الأول الزاني المجبوب) أي الذي زنى ثم جب (إذا ندم على الزنا وعزم أن لا يعود إليه على تقدير القدرة فهل يكون ذلك توبة منه منعه أبو هاشم) وزعم أنه لا يتحقق منه حقيقة العزم على عدم الفعل في المستقبل إذ لا قدرة له على الفعل فيه (وقال به الآخرون) بناء على أنه يكفي لتلك الحقيقة تقدير القدرة (والمأخذ) في هذين القولين (وأوضح) كما ذكرناه (الثاني) من تلك الأحكام (إن قلنا لا يقبل) ندم المجبوب (فمن تاب) عن معصية (لمرض مخيف فهل يقبل) ذلك منه (لوجود التوبة أم لا) لم يقبل (لأنه أوليس باختياره) بل بإلجاء الخوف إليه فيكون (كالإيمان عند اليأس) وظهور وما يلجئه إليه فإنه غير مقبول إجماعا والترديد الذي ذكره المصنف في توبة المرض المخيف مناف لما نقله الآمدي من الاجماع على القبول كما مر (الثالث منها (شرط المعتزلة فيها) أي في التوبة (أمور ثلاثة) أولها (رد المظالم) فإنهم قالوا شرط صحة التوبة عن مظلمة الخروج عن تلك المظلمة (و) ثانيها (أن لا يعاود ذلك الذنب الذي تاب عنه أي ذنب كان (و) ثالثها (أن يستديم الندم) على الذنب المتوب عنه في جميع الأوقات (وهي عندنا غير واجبة فيها) أي في صحة التوبة (أما رد المظالم) والخروج عنها برد المال أو الاستبراء عنه أو الاعتذار إلى المغتاب واسترضائه إن بلغه الغيبة ونحو ذلك (فواجب برأسه لا مدخل له في الندم علي ذنب آخر) قال الآمدي إذا أتى بالمظلمة كالقتل والضرب مثلا فقد وجب عليه أمر إن التوبة والخروج عن المظلمة وهو تسليم نفسه مع الإمكان ليقتص منه ومن أتى بأحد الواجبين لم تكن صحة ما أتي به متوقفة على الإتيان بالواجب الآخر كما لو وجب عليه صلاتان فأتى بإحديهما دون الأخرى (وأما أن لا يعاود
(٣١٥)