شرح المواقف - القاضى الجرجانى - ج ٨ - الصفحة ٢٨٥
إن للبشر عوائق عن العبادة من شهوته وغضبه وحاجاته الشاغلة لأوقاته وليس للملائكة شئ من ذلك ولا شك أن العبادة مع هذه العوائق أدخل في الاخلاص وأشق فتكون أفضل لقوله عليه الصلاة والسلام أفضل الأعمال أحمزها أي أشقها) فيكون صاحبها أكثر ثوابا عليها * (الرابع إن الإنسان ركب تركيبا بين الملك) الذي له عقل بلا شهوة (والبهيمة) التي لها شهوة بلا عقل (فبعقله له حظ من الملائكة وبطبيعته له حظ من البهمية ثم أن من غلب طبيعته عقله فهو شر من البهائم لقوله تعالى أولئك كالأنعام بل هم أضل وقوله إن شر الدواب عند الله الآية وذلك يقتضي) بطريق قياس أحد الجانبين على الآخر (أن يكون من غلب عقله طبيعته خيرا من الملائكة * احتج الخصم) على تفضيل الملائكة بوجوه عقلية ونقلية (إما العقلية فستة) الأول الملائكة أرواح مجردة) عن علائق المادة وتوابعها فليس شئ من أوصافها بالقوة بل (كمالاتها) كلها (بالفعل) في مبدأ الفطرة (بخلاف السفليات) أي النفوس الناطقة الإنسانية فإنها في ابتداء فطرتها خالية عن كمالاتها وإنما يحصل لها منها ما يحصل على سبيل التدريج والانتقال من القوة إلى الفعل والتام أكمل من غيره * الثاني الروحانيات متعلقة بالهياكل العلوية) الشريفة المبرأة عن الفساد وهي الأفلاك والكواكب المدبرة لما في عالمنا هذا باتصالاتها وأوضاعها (والنفوس الإنسانية متعلقة بالأجسام السفلية الكائنة الفاسدة ونسبة النفوس كنسبة الأجساد * (الثالث الروحانيات مبرأة عن الشهوة والغضب وهما لمبدأ للشرور) والأخلاق الذميمة كلها (الرابع الروحانيات نورانية لطيفة) لا حجاب فيها عن تجلي الأنوار القدسية فهي أبدا مستغرقة في مشاهدة الأنوار الربانية (والجسمانيات مركبة من المادة والصورة والمادة ظلمانية مانعة) عن تلك المشاهدة المستمرة * (الخامس الروحانيات قوية على أفعال شاقة كالزلازل والسحب)
____________________
الدفع ظاهر (قوله واشق فتكون أفضل لقوله صلى الله عليه وسلم) فيه بحيث وهو أنه قد سبق إن المراد بالحديث هو أن الأشق أفضل بعد المساواة في وجوه المصالح فلعل في عبادة الملائكة مصالح لا تحصى فلا تثبت أفضلية عبادة البشر منهم وإن كانت أشق ويمكن أن يقال ما ذكرته احتمال قادح في التيقن لا الظن وهذه المسألة وإن كانت من المسائل العلمية لكنه يكتفى فيه بالظن والتخمين للعجز عن القطع واليقين (قوله بل كمالاتها كلها بالفعل) هذا في صنف من الملائكة وهم غير الروحانيات المذكورة في الوجه الثاني (قوله ونسبة النفوس كنسبة الأجساد) أي نسبة النفوس إلى الروحانيات كنسبة الأجساد إلى الهياكل العلوية فكما أن الهياكل أشرف كذلك الروحانيات (قوله الروحانيات قوية الخ) لا يخفى أن هذا الوجه وكذا
(٢٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 280 281 282 283 284 285 286 287 288 289 290 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الموقف الخامس في الإلهيات 2
2 المرصد الأول في الذات وفيه مقاصد 2
3 المقصد الأول 2
4 المقصد الثاني 14
5 المقصد الثالث 18
6 المرصد الثاني وفيه مقاصد 19
7 المقصد الأول 19
8 المقصد الثاني 25
9 المقصد الثالث 26
10 المقصد الرابع 27
11 المقصد الخامس 28
12 المقصد السادس 31
13 المرصد الثالث في توحيده تعالي 39
14 المرصد في الرابع في الصفات الوجودية 44
15 المقصد الأولى في اثبات الصفات 44
16 المقصد الثاني في قدرته 49
17 المقصد الثالث 64
18 المقصد الرابع 80
19 المقصد الخامس 81
20 المقصد السادس 87
21 المقصد السابع 91
22 المقصد الثامن 104
23 المرصد الخامس وفيه مقصدان 115
24 المقصد الأول 115
25 المقصد الثاني 143
26 المرصد السادس في أفعاله تعالى 145
27 المقصد الأول 145
28 المقصد الثاني 159
29 المقصد الثالث 168
30 المقصد الرابع 173
31 المقصد الخامس 181
32 المقصد السادس 195
33 المقصد السابع 200
34 المقصد الثامن 202
35 المرصد السابع في أسماء الله تعالي 207
36 المقصد الأول 207
37 المقصد الثاني 209
38 المقصد الثالث 210
39 الموقف السادس في السمعيات 217
40 المرصد الأول في النبوات 217
41 المقصد الأول 217
42 المقصد الثاني 222
43 المقصد الثالث 230
44 المقصد الرابع 243
45 الكلام علي القرآن 243
46 المقصد الخامس 263
47 المقصد السادس 280
48 المقصد السابع 281
49 المقصد الثامن 283
50 المقصد التاسع 288
51 المرصد الثاني في المعاد وفيه مقاصد 289
52 المقصد الأول 289
53 المقصد الثاني في حشر الأجسام 294
54 المقصد الثالث 298
55 المقصد الرابع 301
56 المقصد الخامس 303
57 المقصد السادس 306
58 المقصد السابع 309
59 المقصد الثامن 312
60 المقصد التاسع 312
61 المقصد العاشر 314
62 المقصد الحادي عشر 317
63 المقصد الثاني عشر 320
64 المرصد الثاني في الأسماء وفيه مقاصد 322
65 المقصد الأول 322
66 المقصد الثاني 330
67 المقصد الثالث 331
68 المرصد الرابع في الإمامة 344