في مقابلته فتلك الآحاد مما لا يلتفت إليه (ثم) إن سلمنا اختلافهم فيما ذكر قلنا (إنهم لم يختلفوا في نزوله على
محمد) صلى الله عليه وسلم (و) لا في (بلوغه في البلاغة حد الاعجاز) بل في مجرد كونه من
القرآن وذلك لا يضرنا فيما نحن بصدده (وأما البسملة فالخلاف) فيها متحقق بلا شبهة إلا أنه (في كونها آية من كل سورة) كما هو القول الجديد للشافعي أو من الفاتحة فقط وفي البواقي كتبت للتيمن كما هو قوله القديم أو كونها آية فردة أنزلت مرة واحدة للفصل بين السور كما اختاره الحنفية (لا في كونها من
القرآن) في أوائل السور إذ لا خلاف فيه ومن قال به فقد توهم (و) الجواب (عن الثالثة إن اختلافهم) عند جميع
القرآن فيما يأتي به الواحد من آية أو آيتين إنما هو (في موضعه) من
القرآن (وفي التقديم والتأخير) فيما بينه وبين الآيات الأخر لا في كونه من
القرآن وذلك لأن
القرآن كله منقول بالتواتر عنه عليه السلام (فإن النبي) عليه السلام (كان يواظب على قراءته في صلاته) بالجماعات فما أتى به الواحد كان متيقنا كونه من
القرآن وطلب البينة أو التحليف إنما كان لأجل الترتيب فلا إشكال (هذا) كما مضى (و) نقول أيضا (إن الخبر المحفوف بالقرائن قد يفيد العلم وهو) أي العلم بكونه من
القرآن هو (المدعى ولا علينا أن نثبت) ذلك العلم (بالتواتر أو
بالقرآن) قلنا إن نختار أن ما أتى به الواحد إنما ثبت كونه من
القرآن بالآحاد المنضمة إلى القرائن (ثم) نقول (لا يضر) فيما نحن بصدده (عدم إعجاز الآية والآيتين) فإن المعجز هو المجموع أو مقدار سورة طويلة أو قصيرة بتمامها وأقلها ثلاث آيات (و) الجواب (عن
____________________
حد التواتر إذ روي أنهم ستة نفر وفيه بحث وهو إن منقولية مجموع القرآن بالتواتر لا يقدح في اختلاف الصحابة رضي الله عنهم في بعض السور لاحتمال أن لا يثبت عند المنكر بالتواتر وقت الاختلاف وأن لا ينكر بعد ثبوت التواتر وجوابه إن المروي بقاء بعض الصحابة رضي الله عنهم برهة من الزمان على خلافه قال الإمام في نهاية العقول روي أن بن مسعود رضي الله عنه كان ينكر كون الفاتحة والمعوذتين من القرآن وبقي على إنكاره في زمن أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم وهم لم يمنعوه ولا شك أن الرواية على هذا الوجه مما لا يلتفت إليها (قوله بل في مجرد كونه من القرآن) اعترض عليه بأن ماهية القرآن هو النظم المنزل من الله تعالى المعجز سورة منه فعند الاعتراف بالنزول من الله تعالى والإعجاز لا يتصور الانكار لقرآنيته وأجيب بأن ماهية القرآن هي المنزلة للإعجاز بسورة منه وكونه معجز ألا يوجب إنزاله للإعجاز (قوله وأما البسملة) جواب عما يرد على دعوى أن جميع القرآن منقول بالتواتر (قوله وأقلها ثلاث آيات) فإن قلت كيف يصح دعوى إعجاز هذا القدر وقد نطق القرآن العزيز بأن البشر يقدر على أكثر من ذلك حيث قال فيه حكاية عن موسى عليه السلام قال رب اشرح لي صدري إلى قوله تعالى إنك كنت بنا بصيرا فإن هذه احدى عشر آية صدرت عن موسى عليه السلام قلت المحكي لا يلزم