علما وعملا) وعلى غيرها مما ذكر في وجه الاعجاز (معجز بالنظر وإنما وقع الخلاف في وجهه لاختلاف الأنظار ومبلغ أصحابها من العلم وليس إذ لم يكن معجزا بالنظر إلى أحد من وجوه الاعجاز ما بيناه) بعينه (يلزم أن لا يكون معجزا بجملتها أولا بجملة منها) بل ولا بواحد منها لا بعينه لجواز اختلاف الأحكام في هذه الأمور الأربعة (وكأي من بليغ يقدر على النظم أو النثر ولا يقدر على الآخر ولا يلزم من القدرة على أحدهما القدرة على الجميع وليس كل ما ثبت لكل واحد يثبت للكل) من حيث هو كل ولا لجملة من الأفراد المتعددة كعشرة مثلا وكذلك قد يختلف حكم الواحد مطلقا ومعينا فإن الأول قد يكون متعين الثبوت دون الثاني خذ (هذا) الذي ذكرناه (وإنا نختار أنه معجز ببلاغته (وأما الشبه) القادحة في ذلك (فالجواب عن الأولى إن الفرق كان بينا لمن تحدى به) من بلغاء عصره (ولذلك لم يعارض وغيرهم عمى عن ذلك لقصوره في صناعة البلاغة والتمييز بين مراتبها) فلا اعتداد به ولا مضرة في ذلك لثبوت الاعجاز بمجرد عجز أولئك الأعلام (ثم قياس أقصر سورة إلى أطول خطبة أو قصيدة جور) وعدول (عن سواء السبيل) لأن التحدي بها إنما يكون بما هو على مقدارها المشتمل على مثل بلاغتها لا بما هو أضعافها المشتملة على مثلها كما لا يخفى على ذي مسكة من الإنصاف (وأيضا فيكفينا) في إثبات النبوة (كون
القرآن بجملته أو بسورة الطوال معجزا) وهذا مما لا سترة به ولذلك (قال الوليد بن المغيرة بعد طول محاولته للمعارضة وتوقع الناس ذلك منه عرضت هذا الكلام على خطب الخطباء وشعر الشعراء فلم أجده منها و) الجواب (عن الثانية إن الآحاد لا تعارض القاطع) يريد إن اختلاف الصحابة في بعض سور
القرآن مروي بالآحاد المفيدة للظن ومجموع
القرآن منقول بالتواتر المفيد لليقين الذي يضمحل
الظن ____________________
بالإنشاء الجديد أو بما سبق فحينئذ لا يرد ما ذكره لكنه بعيد لا يلتفت إليه (قوله وليس إذا لم يكن الخ) به اندفع ما أورد على مذهب القاضي (قوله هذا وإنا نختار إنه معجز ببلاغته) لم يتعرض لدفع الشبهة الواردة على كون المعجز النظم الغريب وكأن ذلك لأنه قول مرجوح لا حاجة إلى الذب عنه (قوله وأيضا فيكفينا الخ) فإن قلت قوله تعالى فأتوا بسورة من مثله يدل على أن كل سورة منه معجز قلت هذا هو الحق إلا أن المقصود إنه يكفي في إثبات النبوة كون المجموع معجزا والكلام فيه لا في توجيه تلك الآية على أنها قد يحمل على المبالغة كما نقل من الشارح وإن كان بعيدا جدا قيل الشبهة باقية إذ يقاس السورة الطويلة إلى خطب كثيرة وقصائد عديدة فالجواب هو الأول أو أن يقال إن أبلغ قصيدة لا تخلو عن قصور يفوت به حسن البلاغة فليتأمل (قوله مروي بالآحاد الخ) وقال الإمام الرازي هذه الرواية مختلفة لأنه قد ثبت أن النبي عليه السلام هو الذي تولى جمع القرآن (قوله منقول بالتواتر) أي ما من آية إلا وقد حفظها جمع تقوم الحجة بقولهم وإن لم يبلغ حفظة القرآن كله في عهد النبي عليه السلام