من له أدنى تمييز ومعرفة بصياغة الكلام وأما كونه في الدرجة العالية غير المعتادة وبهذا) القدر (يحصل الاعجاز) الذي هو مطلوبنا (ولا حاجة بنا) في إثبات إعجازه (إلى بيان أنه الغاية) القصوى (فيها) أي في المراتب الممكنة من البلاغة (فلأن) أي وأما كونه في الدرجة العالية الخارجة عن العادة فثابت لأن (من تتبع
القرآن) من العارفين بالبلاغة (وجد فيه فنونها) بأسرها (من إفادة المعاني الكثيرة باللفظ القليل و (من) ضروب التأكيد وأنواع التشبيه والتمثيل (أي
ضرب المثل) و (أصناف) الاستعارة وحسن المطالع والمقاطع من الكلام (و) حسن (الفواصل والتقديم والتأخير والفصل والوصل اللائق بالمقام وتعريه) أي خلوه (عن اللفظ الغث) أي الركيك (والشاذ) الخارج عن القياس (والشارد) النافر عن الاستعمال (إلى غير ذلك) من أنواع البلاغات (بحيث) أي وجده مشتملا على فنون البلاغة بحيث (لا يري المتصفح له) أي للقرآن وتراكيبه (المميز) بين فنون البلاغة (نوعا منها) أي من تلك الفنون إلا وجده فيه أحسن ما يكون
فالقرآن مشتمل على جملتها لم يغادر شيئا منها (ولا يقدر أحد من البلغاء) الواصلين إلى ذروة البلاغة من العرب العرباء (وإن استفرغ وسعه) وطاقته في تزيين كلامه (إلا على نوع أو نوعين منه) أي من المذكور الذي هو هو فنون البلاغة وربما لو رام غيره) أي غير ذلك النوع (لم يواته) أي لم يوافقه ولم يتأت له قال الآمدي إن أفصح فصيح من العرب وأبلغ بليغ من أهل الأدب من أرباب النظم والنثر والخطب غايته الاستينار بنوع واحد من أنواع البلاغة على وجه لو رام غيره في كلامه لما واتاه وكان فيه مقصرا
والقرآن محتو عليها كلها (ومن كان أعرف بالعربية) أي لغة العرب (وفنون بلاغتها كان أعرف بإعجاز
القرآن) المتفرع على بلاغته (وقال القاضي) الباقلاني (هو) أي وجه إعجازه (مجموع لأمرين) أي النظم الغريب وكونه في الدرجة العالية من البلاغة (وقيل هو إخباره عن الغيب نحو وهم من بعد غلبهم سيغلبون (في بضع سنين أخبر عن غلبة الروم على الفرس فيما بين الثلاث إلى التسع وقد وقع كما أخبر به (وذلك كثيرا) يعرف بتتبع
القرآن وإخباراته عن الأمور المستقلة لكائنة على وفقها (وقيل) وجه إعجازه (عدم اختلافه وتناقضه مع ما فيه من الطول) والامتداد وتمسكوا في ذلك بقوله تعالى (ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا وقيل) إعجازه (بالصرفة) على معنى أن العرب كانت
____________________
الموصول فليرجع إليه (قوله وقيل بالصرفة) رد عليه بأن الأنسب حينئذ ترك الاعتبار ببلاغته لأنه كلما كان أنزل