(بخلق الله) فقد يخلقه بعد إخبار عدد دون خبر واحد منفرد فلا يكون الخبر الأخير موجبا له (وأما عند الحكماء
والمعتزلة فلأن الإخبار) الصادرة عن أهل التواتر (أسباب معدة) لحصول العلم لا موجبة له (وهي) أي الأسباب المعدة (قد لا تجامع المسبب) بل تكون متقدمة عليه (كالحركة للحصول في المنتهى) فللأخبار السابقة مدخل في حصول العلم كالخبر الأخير وفاعله شئ آخر وهذا الوجه يناسب أصول الحكماء والمناسب لأصول
المعتزلة ما ذكره بقوله (ثم إنا نجد من أنفسنا أن الخبر الأول يفيد ظنا ويقوي) ذلك الظن (بالثاني والثالث) وهكذا إلى أن ينتهي (إلى ما لا أقوى منه فيلزم أن الموجب له هو الخبر الأخير بشرط سبق أمثاله) وهو المراد بكون التواتر مفيدا للعلم فلا يلزم أن يكون خير الواحد المنفرد موجبا له (و) الجواب عن الرابع والخامس إنا ندعي العلم الضروري الحاصل من التواتر الواقع في نفس الأمر (على شرطه) وضابطه (لأنا نستدل بالتواتر) والعلم بحصول شرطه وضابطه (على ما ادعيناه والفرق بين الأمرين ظاهر) فإن حصول التواتر في نفس الأمر مشتملا على ما يعتبر فيه من الشرائط وإفادته للعلم الضروري بما تواتر الأخبار عنه أمر لا شبهة فيه إذ لا سبيل إلى العلم الضروري بالبلاد النائية والأشخاص الماضية سوى التواتر وليس يعتبر في ذلك العلم بالشرط الذي هو الاستواء حتى يقال إنه غير معلوم ولا العلم بضابطه حتى يلزم منه الدرر نعم إذا استدل على شئ بكون أخباره متواترة مشتملة على شرائط مجتمعة مع ضابطه توجه ما ذكرتم من عدم العلم بحصول الشرط ومن لزوم الدور لكن العلم المستفاد من التواتر ضروري عندنا لا نظري فتدبر * الطائفة (السابعة من اعترف بإمكان
البعثة ومنع وقوعها قالوا تتبعنا الشرائع) التي أتى بها مدعو الرسالة (فوجدناها مشتملة على ما لا يوافق العقل والحكمة فعلمنا أنها ليست من عند الله) فلا يكون هناك
بعثة (وذلك) الذي لا يوافق العقل والحكمة (كإباحة ذبح الحيوان وإيلامه) لمنفعة
الأكل وغيره (و) إيجاب (تحمل الجوع والعطش في)
صوم (أيام معينة والمنع من الملاذ التي بها صلاح
____________________
التساوي المذكور في الكتاب إلى هذا أيضا فتدبر (قوله ضروري عندنا لا نظري) إنما قال عندنا لأن الكعبي وأبا الحسين ذهبا إلى أنه نظري زاعمين أن حصول العلم بالتواتر موقوف على استحضار مقدمتين الأولى إن الخبر الدال عليه دائر بين السنة قوم لا يتصور تواطؤهم على الكذب والثانية إن كل خبر شأنه ذلك فهو صادق والجواب المنع فإن الخبر إذا بلغ حد التواتر يعلم مضمونه قطعا من غير ملاحظة لصدق الخبر ولا معرفة بلوغه حد التواتر بالفعل فضلا عن استحصال ذلك العلم منهما ولذلك يحصل العلم به للصبيان الذين لا اهتداء لهم بطريق الاكتساب وترتيب