شرح المواقف - القاضى الجرجانى - ج ٨ - الصفحة ١٣٤
(معينة) لبعضها (فالتعيين تحكم لا يجوز لغة) فوجب المصير إلى المجاز المتعين (ثم) نقول أيضا (تقليب الحدقة طلبا للرؤية بدون الرؤية لا يكون نعمة) بل فيه نوع عقوبة فلا يكون مرادا في الآية (و) تقليب الحدقة (مع الرؤية يكفيه التجوز) وحده (فلا يضم إليه الاضمار تقليلا لما هو خلاف الأصل فإن تقليب الحدقة يكون سببا) عاديا (للرؤية وإطلاق اسم السبب للمسبب مجاز مشهور) فلنحمل الآية على التجوز عن الرؤية بلا اضمار شئ وهو المطلوب (وأنت لا يخفى عليك أن أمثال هذه الظواهر لا تفيد إلا ظنونا ضعيفة) جدا وحينئذ (لا تصلح) هذه الظواهر (للتعويل عليها في المسائل العلمية) التي يطلب فيها اليقين (المسلك الثاني) في إثبات الوقوع (قوله تعالى في الكفار كلا أنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ذكر ذلك تحقيرا لشأنهم فلزم) منه (كون المؤمنين مبرئين عنه) فوجب أن لا يكونوا محجوبين عنه بل رائين له وهذا المسلك أيضا من الظواهر المفيدة للظن (والمعتمد فيه) أي في إثبات الوقوع بل وفي صحته أيضا (إجماع الأمة قبل حدوث المخالفين على وقوع الرؤية) المستلزم لصحتها (وعلى كون هاتين الآيتين محمولتين على الظاهر) المتبادر منهما ومثل هذا الاجمال مفيد لليقين (المقام الثالث) في شبه المنكرين وردها وتنقسم) تلك الشبه (إلى عقلية ونقلية أما العقلية فثلاث الأولى شبهة الموانع) وهي أن يقال (لو جازت رؤيته تعالى لرأيناه الآن والتالي باطل) بطلانا ظاهرا وأما (بيان الشرطية) فهو أنه (لو جازت
____________________
(قوله فوجب المصير إلى المجاز المتعين) قيل فيه تأمل لأن الرؤية انكشاف مخصوص في ضمنه انكشاف مطلق يجوز أن يتجوز بها عنه وهو مطلق الادراك الغير الممنوع عند المعتزلة وأيضا يجوز أن يكون التجوز في النسبة أي يتجوز في نسبة النظر إلى الرب عن نسبته إلى نعمته وعلى كل من الوجهين لا يتعين ما ذكره من المجاز (قوله فلا يكون مرادا في الآية) لأنها واردة لبيان النعمة وبه يظهر أن التقليب المطلق أيضا غير مراد إذ لا بيان للنعمة فيه فتعين إرادة التقلب مع الرؤية بخصوصه وأنه مجاز (قوله بل وفي صحته أيضا) أورد عليه أن مسألة جواز الرؤية عقلية وقد مر أن الدليل النقلي لا يفيد القطع في العقليات والجواب أنها نقلية إذ قد سبق في آخر الموقف الأول أن المراد بالشرعيات أمور يجزم العقل بإمكانها ثبوتا وانتفاء وصحة رؤية الله تعالى كذلك فإن العقل يجوز ثبوت هذه الصحة إذ لا دليل صحيحا على انتفائها وكذا يجوز انتفاؤها إذ لا وثوق على المسلك العقلي في إثباته (قوله ومثل هذا الاجماع مفيد لليقين) يعني الاجماع الواقع في النقليات واحترز به عن الاجماع الواقع في العقليات وقيل أراد به الاجماع قبل حدوث المخالفين وأما الاجماع بعده فلا كإجماع القرن الثاني فيما اختلف فيه الصحابة وفيه نظر إذ الأصح عند مشايخنا أنه لا فرق بين الإجماعين في إفادة القطع اتفاقا صرح به في فصول البدائع فلا وجه لحمل الكلام عليه بلا ضرورة (قوله الأولى شبهة الموانع) لا خفاء أن الأظهر أن يقال شبهة الشرائط لكن
(١٣٤)
مفاتيح البحث: الجواز (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 ... » »»
الفهرست