وقال ابن السكيت: البدعة: كل محدثة. وفي حديث (1) قيام رمضان نعمت البدعة هذه وقال ابن الأثير: البدعة بدعتان: بدعة هدى، وبدعة ضلال، فما كان في خلاف ما أمر الله به فهو في حيز الذم والإنكار، وما كان واقعا تحت عموم ما ندب الله إليه، وحض عليه، أو رسوله، فهو في حيز المدح، وما لم يكن له مثال موجود كنوع من الجود والسخاء، وفعل المعروف، فهو من الأفعال المحمودة، ولا يجوز أن يكون ذلك في خلاف ما ورد الشرع به، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد جعل له في ذلك ثوابا، فقال: من سن سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها. وقال في ضده: من سن سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها، وذلك إذا كان في خلاف ما أمر الله به ورسله، قال: ومن هذا النوع قول عمر رضي الله تعالى عنه: نعمت البدعة هذه لما كانت من أفعال الخير، وداخلة في حيز المدح سماها بدعة ومدحها، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسنها لهم، وإنما صلاها ليالي ثم تركها، ولم يحافظ عليها، ولا جمع الناس لها، ولا كانت في زمن أبي بكر رضي الله عنه، وإنما عمر جمع الناس عليها وندبهم إليها، فبهذا سماها بدعة، وهي على الحقيقة سنة لقوله صلى الله عليه وسلم: " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي ". وقوله صلى الله عليه وسلم: " اقتدوا باللذين من بعدي: أبي بكر عمر. وعلى هذا التأويل يحمل الحديث الآخر: كل محدثة بدعة إنما يريد ما خالف أصول الشريعة ولم يوافق السنة (2)، وأكثر ما يستعمل المبتدع عرفا في الذم.
ومبدوع (3): فرس الحارث بن ضرار ابن عمرو بن مالك الضبي. كذا في العباب، ووقع في التكملة: فرس عبد الحارث، وهو الصواب، وهو القائل فيه:
تشكى الغزو مبدوع وأضحى * كأشلاء اللحام به جروح فلا تجزع من الحدثان إني * أكر الغزو إذ جلب القروح (4) وقال زويهر بن عبد الحارث:
فقلت لسعد لا أبا لأبيكم * ألم تعلموا أني ابن فارس مبدوع؟
وهذا يؤيد ما في التكملة، وسيأتي ذلك للجوهري في ي د ع.
وبدع، كفرح: سمن، عن الأصمعي، وزنا ومعنى، وقد تقدم.
وبدع الشيء كمنعه بدعا: أنشأه وبدأه، كابتدعه، ومنه البديع في أسمائه تعالى، كما سبق.
وقال ابن دريد: بدع الركية بدعا: استنبطها وأحدثها، وأبدع وأبدأ بمعنى واحد، ومنه البديع في أسمائه تعالى، وهو أكثر من بدع، كما يقال: البدئ، وقد تقدم.
وأبدع الشاعر: أتى بالبديع من القول المخترع على غير مثال سابق.
وأبدعت الراحلة: كلت وعطبت، عن الكسائي، أو أبدعت به: ظلعت أو بركت في الطريق من هزال أو داء، أو لا يكون الإبداع إلا بظلع، كما قاله بعض الأعراب. وقال أبو عبيدة: ليس هذا باختلاف، وبعضه شبيه بعض.
قلت: وفي حديث الهدي إن هي أبدعت أي انقطعت عن السير بكلال أو ظلع، كأنه جعل انقطاعها عما كانت مستمرة عليه من مادة (5) السير إبداعا، أي إنشاء أمر خارج عما اعتيد منها.
وقال اللحياني: يقال: أبدع: فلان بفلان، إذا فظع (6) به، وخذله، ولم يقم بحاجته، ولم يكن عند ظنه به، وهو مجاز.
ومن المجاز: قال أبو سعيد: أبدعت حجته، أي بطلت، وفي الأساس: ضعفت.
وقال غيره: أبدع بره بشكري، وقصده وإيجابه بوصفي، كذا في العباب. وفي اللسان: فضله وإيجابه بوصفي: إذا شكره على إحسانه إليه، معترفا بأن شكره لا يفي بإحسانه.