ووديعة بن عمرو الجهني (1) حليف بني النجار: صحابيان رضي الله عنهما، الأخير بدري أحدي.
ودعه، أي: اتركه، وأصله ودع يدع، كوضع يضع، كما في الصحاح ومنه الحديث: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك، وقال عمرو بن معد يكرب:
إذا لم تستطع أمرا فدعه * وجاوزه إلى ما تستطع قال شيخنا: اختلف أهل النظر، هل دع، وذر مترادفان أو متخالفان؟ فذهب قوم إلى الأول، وهو رأي أكثر أهل اللغة، وذهب أكثرون إلى الفرق بينهما، فقال: دع ويدع يستعملان فيما لا يذم مرتكبه، لأنه من الدعة، وهي الراحة، ولذا قيل لمفارقة الناس بعضهم بعضا: موادعة وعدم اعتداد، لأنه من الوذر، وهو قطع اللحيمة الحقيرة، كما أشار إليه الراغب، فلذا قال تعالى: " أتدعون بعلا وتذرون أحسن الخالقين " (2)، دون " تدعون "، مع ما فيه من الجناس، وقيل: دع: أمر بالترك قبل العلم، وذر بعده، كما نقل عن الرازي، قيل: وهذا لا يساعده اللغة ولا الاشتقاق، وقد أميت ماضيه، لا يقال: ودعه وإنما يقال في ماضيه: تركه كما في الصحاح وزاد: ولا وادع،, ولكن تارك، وربما جاء في ضرورة الشعر ودعه، وهو مودوع على أصله وقال الشاعر يقال: هو أبو الأسود الدؤلي، كما قاله ابن جني، والذي في العباب أنه لأنس بن زنيم الليثي، وروى الأزهري عن ابن أخي الأصمعي أن عمه أنشده لأنس هذا:
ليت شعري عن خليلي ما الذي * غاله في الحب حتى ودعه وآخره:
لا يكن برقك برقا خلبا * إن خير البرق ما الغيث معه وقال ابن بري: وقد روي البيتان لهما جميعا، وقال خفاف بن ندبة:
إذا ما استحمت أرضه من سمائه * جرى وهو مودوع وواعد مصدق أي متروك لا يضرب ولا يزجر، كما في الصحاح.
قلت: وفي كتاب تقويم المفسد والمزال عن جهته (3) لأبي حاتم أن الرواية في قول أنس بن زنيم السابق: غاله في الوعد ومن قال: في الود فقد غلط، وقال: كأنه كان وعده شيئا. قلت: ويدل لهذه الرواية البيت الذي بعده، وقد تقدم.
وقال ابن بري في قول خفاف الذي أنشده الجوهري مودوع هنا من الدعة، التي هي السكون لا من الترك، كما ذكر الجوهري أي: أنه جرى ولم يجهد.
وفي اللسان: ودعه يدعه: تركه، وهي شاذة، وكلام العرب دعني وذرني، ويدع ويذر، ولا يقولون: ودعتك، ولا وذرتك، استغنوا عنها بتركتك، والمصدر فيهما: تركا، ولا يقال: ودعا ولا وذرا، وحكاهما بعضهم، ولا وادع، وقد جاء في بيت أنشده الفارسي في البصريات:
فأيهما ما أتبعن فإنني * حزين على ترك الذي أنا وادع قال ابن بري: وقد جاء وادع في شعر معن بن أوس:
عليه شريب لين وادع العصا * يساجلها حماته وتساجله وأنشد الصاغاني لسويد اليشكري يصف نفسه:
فسعى مسعاته في قومه * ثم لم يدرك، ولا عجزا ودع (4) وأنشد ابن بري له (5) أيضا:
سل أميري ما الذي غيره * عن وصالي اليوم حتى ودعه وأنشد الحافظ بن حجر في الفتح: