تقضون فيها حوائجكم مستترين عن الأبصار ورؤية الناس، فذلك المتاع، والله أعلم بما أراد.
والمتاع: السلعة.
والمتاع: الأداة، ومنه الحديث: أنه حرم المدينة (1) ورخص في الهش، ومتاع الناضح أراد أداة البعير التي تؤخذ من الشجر.
والمتاع: كل ما تمتعت به، كذا في الصحاح زاد غيره: من الحوائج ونص الليث: المتاع: ما يستمتع به الإنسان في حوائجه وقال الأزهري: المتاع في الأصل: كل شيء ينتفع به، ويتبلغ به ويتزود، قال الليث: والدنيا متاع الغرور، أراد: إنما العيش متاع أيام، ثم يزول، أي: بقاء أيام ج: أمتعة، كما في العين.
وقوله تعالى: " ابتغاء حلية " (2) أي: ذهب وفضة أو متاع أي: حديد وصفر ونحاس ورصاص كذا في العباب، وتبعه المصنف في البصائر.
والمتعة، بالضم والكسر اقتصر الجوهري على الضم، والكسر نقله الصاغاني في التكملة: اسم لتمتيع، كالمتاع، وفي العباب: المتعة، والمتاع: اسمان يقومان مقام المصدر الحقيقي وهو التمتيع، وهو في اللسان أيضا هكذا قال، ومنه قوله تعالى: " متاعا إلى الحول غير إخراج " (3) أراد: متعوهن تمتيعا، فوضع متاعا موضع تمتيع، ولذلك عداه بإلى، أي: انفعوهن بما توصون به لهن من صلة تقوتهن إلى الحول.
ومن المجاز: المتعة، بالضم: أن تتزوج امرأة تتمتع بها أياما، ثم تخلي سبيلها، وكان ذلك بمكة حرسها الله تعالى ثلاثة أيام، حين حجوا مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم حرمها الله تعالى إلى يوم القيامة، كان الرجل يشارط المرأة شرطا على شيء بأجل معلوم، ويعطيها شيئا، فيستحل بذلك فرجها، ثم يخل سبيلها من غير تزويج ولا طلاق، كما في العباب.
وقال الزجاج، في قوله تعالى في سورة النساء:
" فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة " (4) هذه الآية قد غلط فيها قوم غلطا عظيما، لجهلهم باللغة، وذلك أنهم ذهبوا إلى قوله: " فما استمتعتم به منهن " من المتعة التي أجمع أهل العلم أنها حرام، وإنما معنى فما استمتعتم به منهن: فما نكحتم منهن على الشريطة التي جرى في الآية آية الإحصان: أن تبتغوا بأموالكم محصنين، أي: عاقدين التزويج، أي: فما استمتعتم به منهن على عقد التزويج الذي جرى ذكره آنفا: فآتوهن أجورهن، أي: مهورهن فريضة، فإن استمع بالدخول بها آتى المهر تاما، وإن استمتع بعقد النكاح آتى نصف المهر.
قال الأزهري: فإن احتج محتج من الروافض بما يروى عن ابن عباس أنه كان يراها حلالا، وأنه كان يقرؤها: فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى فالثابت عندنا أن ابن عباس كان يراها حلالا، ثم لما وقف على نهي النبي صلى الله عليه وسلم رجع عن إحلالها.
ثم قال: وقد صح النهي عن المتعة الشرطية من جهات لو لم يكن فيه إلا ما روي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، ونهيه ابن عباس عنها لكان كافيا، وقد كان مباحا في أول الإسلام، ثم حرم، وهو الآن جائز عند الشيعة.
ومن المجاز أيضا: متعة الحج، وهو: أن تضم عمرة إلى حجك، وقد تمتعت [واستمتعت] * وصورته: أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج، فإذا أحرم بالعمرة بعد إهلاله شوالا فقد صار متمتعا بالعمرة إلى الحج، وسمي به لأنه إذا قدم مكة، وطاف بالبيت، وسعى بين الصفا والمروة، حل من عمرته وحلق رأسه، وذبح نسكه الواجب عليه لتمتعه، وحل له كل شيء كان حرم عليه في إحرامه من النساء والطيب، ثم ينشئ بعد ذلك إحراما جديدا للحج وقت نهوضه إلى منى، أو قبل ذلك، من غير أن يجب عليه الرجوع إلى الميقات الذي أنشأ منه عمرته، فذلك تمتعه بالعمرة إلى الحج، أي: انتفاعه وتبلغه بما انتفع به من