ومن المجاز: قطعت الطير قطوعا، بالضم، وقطاعا، بالفتح، ويكسر، واقتصر الجوهري على الفتح (1): خرجت من بلاد البرد إلى بلاد الحر، فهي قواطع: ذواهب، أو رواجع، كما في الصحاح، قال ابن السكيت: كان ذلك عند قطاع الطير، وقطاع الماء، وبعضهم يقول: قطوع الطير، وقطوع الماء، وقطاع الطير: أن يجئ من بلد إلى بلد، وقطاع الماء أن ينقطع، وقال أبو زيد: قطعت الغربان إلينا في الشتاء قطوعا، ورجعت في الصيف رجوعا. والطير التي تقيم ببلد شتاءها وصيفها هي: الأوابد.
ومن المجاز: قطع رحمه يقطعها قطعا، بالفتح وقطيعة، كسفينة، واقتصر الجوهري على الأخير، فهو رجل قطع، كصرد وهمزة: هجرها وعقها ولم يصلها، ومنه الحديث: من زوج كريمة من فاسق فقد قطع رحمها وذلك أن الفاسق يطلقها، ثم لا يبالي أن يضاجعها، فيكون ولده منها لغير رشدة، فذلك قطع الرحم، وفي حديث صلة الرحم: هذا مقام العائذ بك من القطيعة، فعيلة من القطع، وهو الصد والهجران، ويريد به ترك البر والإحسان إلى الأقارب والأهل، وهي ضد صلة الرحم، وفي حديث آخر: الرحم شجنة [من الله] (2) معلقة بالعرش، تتمول [اللهم] (2) صل من وصلني، واقطع من قطعني.
وبينهما رحم قطعاء: إذا لم توصل، نقله الجوهري.
ومن المجاز: قطع فلان بالحبل (3)، إذا اختنق به، وفي بعض النسخ: وقطع فلان الحبل: اختنق، وهو نص العين بعينه، قال ومنه قوله تعالى: " فليمدد بسبب إلى السماء ثم ليقطع " (4) أي ليختنق، لأن المختنق يمد السبب إلى السقف، ثم يقطع نفسه من الأرض حتى يختنق، وقال الأزهري: وهذا يحتاج إلى شرح يزيد في إيضاحه، والمعنى والله أعلم: من ظن أن الله تعالى لا ينصر نبيه فليشد حبلا في سقفه، وهو السماء، ثم ليمد الحبل مشدودا في عنقه مدا شديدا يوتره حتى ينقطع (5)، فيموت مختنقا، وقال الفراء: أراد ليجعل في سماء بيته حبلا، ثم ليختنق به، فذلك قوله ثم ليقطع اختناقا، وفي قراءة عبد الله: ثم ليقطعه يعني السبب، وهو الحبل، وقيل: معناه: ليمد الحبل المشدود في عنقه حتى ينقطع نفسه، فيموت.
ومن المجاز: قطع الحوض قطعا: ملأه إلى نصفه، ثم قطع عنه الماء، ومنه قول ابن مقبل يذكر الإبل:
قطعنا لهن الحوض فابتل شطره * بشرب غشاش، وهو ظمآن سائره (6) أي باقيه.
ومن المجاز: قطع عنق دابته، أي باعها. قاله أبو سعيد، وأنشد لأعرابي تزوج امرأة، وساق إليها مهرها إبلا:
* أقول والعيساء تمشي والفصل * * في جلة منها عراميس عطل * * قطعت (7) الأحراح أعناق الإبل * وفي العباب: قطعت بالأحراح يقول: اشتريت الأحراح بإبلي.
وقال ابن عباد قطعني الثوب كفاني لتقطيعي قال الأزهري: كقطعني، وأقطعني، واقتصر الجوهري على الأخير، يقال: هذا ثوب يقطعك ويقطعك، ويقطع لك تقطيعا: يصلح لك (8) قميصا ونحوه، وقال الأصمعي: لا أعرف هذا (9)، كله من كلام المولدين، وقال أبو حاتم: وقد حكاه أبو عبيدة عن العرب.
ومن المجاز: قطع الرجل، كفرح وكرم، قطاعة: بكت ولم يقدر على الكلام فهو قطيع القول.
وقطعت لسانه: ذهبت سلاطته ومنه امرأة قطيع الكلام: إذا لم تكن سليطة، وهو مجاز.