تريد بالجملة الانشاء، و " هذا عبدي بعتكه " كذلك، فإن الجملتين مستأنفتان، لان الانشاء لا يكون نعتا ولا حالا، ويجوز أن يكونا خبرين آخرين إلا عند من منع تعدد الخبر مطلقا، وهو اختيار ابن عصفور، وعند من منع تعدده مختلفا بالافراد والجملة، وهو أبو على، وعند من منع وقوع الانشاء خبرا، وهم طائفة من الكوفيين.
ومن الجمل ما يحتمل الانشائية والخبرية فيختلف الحكم باختلاف التقدير، وله أمثلة:
منها: قوله تعالى (قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما) فإن جملة (أنعم الله عليهما) تحتمل الدعاء فتكون معترضة، والاخبار فتكون صفة ثانية، ويضعف من حيث المعنى أن تكون حالا، ولا يضعف في الصناعة لوصفها بالظرف.
ومنها: قوله تعالى (أو جاءوكم حصرت صدورهم) فذهب الجمهور إلى أن (حصرت صدورهم) جملة خبرية، ثم اختلفوا فقال جماعة منهم الأخفش: هي حال من فاعل جاء على إضمار قد، ويؤيده قراءة الحسن (حصرة صدورهم) وقال آخرون: هي صفة، لئلا يحتاج إلى إضمار قد، ثم اختلفوا فقيل: الموصوف منصوب محذوف، أي قوما حصرت صدورهم، ورأوا أن إضمار الاسم أسهل من إضمار حرف المعنى، وقيل: مخفوض مذكور وهم قوم المتقدم ذكرهم، فلا إضمار البتة، وما بينهما اعتراض، ويؤيده أنه قرئ بإسقاط (أو) وعلى ذلك فيكون (جاءوكم) صفة لقوم، ويكون (حصرت) صفة ثانية، وقيل: بدل اشتمال من (جاءوكم) لان المجئ مشتمل على الحصر، وفيه بعد، لان الحصر من صفة الجائين، وقال أبو العباس المبرد: الجملة إنشائية معناها الدعاء، مثل (غلت أيديهم) فهي مستأنفة، ورد بأن الدعاء عليهم بضيق قلوبهم عن قتال قومهم لا يتجه.
ومن ذلك قوله تعالى: (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة)