تلاقوا جيادا لا تحيد عن الوغى * إذا ما غدت في المأزق المتداني تلاقوهم فتعرفوا كيف صبرهم * على ما جنت فيهم يد الحدثان وهذا الفرق إنما هو على ما ذهب إليه ابن الطراوة من أن عطف البيان لا يكون من لفظ الأول، وتبعه على ذلك ابن مالك وابنه، وحجتهم أن الشئ لا يبين نفسه، وفيه نظر من أوجه، أحدها: أنه يقتضى أن البدل ليس مبينا للمبدل منه، وليس كذلك، ولهذا منع سيبويه " مررت بي المسكين، وبك المسكين " دون " به المسكين " وإنما يفارق البدل عطف البيان في أنه بمنزلة جمله استؤنفت للتبيين، والعطف تبيين بالمفرد المحض. والثاني: أن اللفظ المكرر إذا اتصل به ما لم يتصل بالأول كما قدمنا اتجه كون الثاني بيانا بما فيه من زيادة الفائدة، وعلى ذلك أجازوا الوجهين في نحو قوله:
698 - يا زيد زيد اليعملات الذبل * [تطاول الليل عليك فأنزل] [ص 621 و 622] و...
699 - يا تيم تيم عدى [لا أبالكم * لا يلقينكم في سوأة عمر] إذا ضممت المنادى فهما. والثالث: أن البيان يتصور مع كون المكرر مجردا، وذلك في مثل قولك " يا زيد زيد " إذا قلته وبحضرتك اثنان اسم كل منهما زيد، فإنك لما تذكر الأول يتوهم كل منهما أنه المقصود، فإذا كررته تكرر خطابك لأحدهما وإقبالك عليه فظهر المراد، وعلى هذا يتخرج قول النحويين في قوله رؤبة:
* لقائل يا نصر نصر نصرا * [627] إن الثاني والثالث عطفان على اللفظ وعلى المحل، وخرجه هؤلاء على التوكيد اللفظي فيهما أو في الأول فقط، فالثاني إما مصدر دعائي مثل " سقيا لك " أو مفعول