هي عليه: لما ذكرنا من أن الحق المذكور غير صالح للنقل مطلقا - لا إلى من هو عليه ولا إلى غيره -.
وفرق آخر بين إرث الزوجة من غير المنقول وبين حق الزكاة، وهو أنه لا إشكال ولا خلاف في أن الخيار في الزكاة للمالك بين دفعها من العين المتعلقة للحق وبين دفعها من مال آخر للمالك وليس للمستحق ولا للحاكم الشرعي المشاحة مع المالك بخلاف إرث الزوجة من غير المنقول فإن الوارث لو اختار دفع حقها من نفس العين دون القيمة، ففي إجبار الزوجة على القبول إشكال وخلاف.
ولعل منشأ الفرق بين الحقين - مع أن كلا منهما متعلق بالمالية -: هو أن ظاهر أدلة باب الزكاة أنها في العين، ولكن ثبت أيضا - نصا واجماعا - جواز دفع المالك القيمة إرفاقا به، بخلاف إرث الزوجة، فإن ظاهر الأدلة تعلقه بنفس القيمة، وإن ظهر من بعضها: أن علة حرمانها من العين الارفاق بالوارث لكن لا يبعد كون ذلك من قبيل حكمة الجعل والحرمان من العين.
وبالجملة، لا دليل على جواز إجبارها على أخذ العين بدلا عما تستحقه من القيمة ولم يثبت ذلك بنص أو إجماع، كما ثبت في باب الزكاة جواز دفع القيمة بدلا عن العين، فاجبارها على أخذ استحقاقها من العين في غاية الاشكال، فلا يترك الاحتياط بالمصالحة معها على ذلك.
ثم إن الكلام في الخمس هو الكلام في الزكاة والمختار فيه هو المختار فيها، إذ الظاهر أنه حق فرضه الله تعالى لأربابه - وهم بنو هاشم - في أموال خاصة عوضا عما فرضه لغيرهم من الصدقات التي حرمها عليهم من غيرهم تكريما لهم وإعلاء لشأنهم.
وبالجملة، فالظاهر اتحاد نحو الحقين، والله تعالى هو العالم.