إشكال ولا خلاف - على الظاهر - في جواز دفع معادل فريضة الزكاة من مال آخر.
هذا، وليس تعلقها بالعين من قبيل تعلق حق غرماء الميت بتركته فإن حق الغرماء غير المستوعب للتركة يتعلق بمجموع التركة بحيث لو تلف منها شئ وكان الباقي بمقدار دينهم على الميت، كان لهم استيفاء الدين بكماله من الباقي ولا يرد عليهم النقص بسبب التلف - على الظاهر - وهذا بخلاف حق المستحق المتعلق بالنصاب، فإن تعلقه بنحو البسط والسريان في جميع النصاب بحيث لو تلف منه شئ بلا تفريط من المالك يسقط عن المالك جزء من الفريضة نسبته إليها كنسبة التالف إلى مجموع النصاب.
وبعبارة أخصر: إن التلف - هناك - يختص به الوارث، وهنا يتوزع على المالك والمستحق بالنسبة. ومنشأ هذا الاختلاف اختلاف سنخ الحق في الموردين بحسب ما يستفاد من الأدلة، فإن الغرماء لهم دين معين على الميت اشتغلت به ذمته حال الحياة وقد جعل الله تعالى لهم حق استيفاء دينهم بتمامه من تركته - مهما بلغت قليلة كانت أم كثيرة - بقيت أم تلف بعضها - ما دامت التركة وافية بذلك الدين.
وما هو للوارث من تلك التركة - حسب المستفاد من الأدلة كتابا وسنة - متأخر عن حق الغرماء، وفي طوله. ومقتضى ذلك ورود التلف على ما يخص الوارث من المال المتروك وسلامة حق الغرماء، ولا فرق في ذلك بين القول بأن التركة باقية على حكم مال الميت ما دام الدين باقيا - وبين القول بأنها تنتقل إلى الوارث محقوقة للغرماء.
وأما فريضة الزكاة، فإنها متعلقة بنفس النصاب لا بذمة المالك - كما ذكرنا - ولا فرق بين ما يملكه المالك من النصاب وما يستحقه الفقير - مثلا - منه سوى أن ملكية المالك تامة فعلية، وملكية المستحق ناقصة