الصلح على هذه الكيفية، حتى لو قلنا بأن حق الرجوع في العدة من الأحكام لا من الحقوق، لأن المصالح عليه بالفرض نفس الترك وعدم الرجوع، لا الحكم بجوازه.
فلا فرق في الصلح على هذا التقرير بين كونه مصداقا للحق أو للحكم، غير أنه على التقديرين ينفذ رجوعه لو رجع بها، وإن أثم به، إلا أن الغالب وقوع الصلح في أمثال المقام لئلا يتمكن من الرجوع بحيث لا ينفذ رجوعه لو رجع، وهو لا يتم إلا بالصلح على الحق، لا مجرد عدم الرجوع مع بقاء الحق، فافهم.
ومنها - الخيارات، فإنها من الحقوق - قطعا - لكونها سلطنة مجعولة بأحد أسبابها للمتعاقدين أو الأجنبي على إبطال العقد اللازم وحله، وموردها العقود اللازمة، وإلا فالعقد الجائز لا خيار فيه ما دام جائزا، إلا إذا عرض عليه اللزوم بسبب، فيؤثر - حينئذ - سبب الخيار فيه خيارا.
وكيف كان، فالظاهر جواز المعاوضة عليه بما يوجب نقله، فضلا عن سقوطه لعمومات أدلة المعاوضة، مضافا إلى عموم (أوفوا بالعقود) (1) بعد إحراز القابلية بما دل على سقوطه بالاسقاط وانتقاله بالإرث الكاشفين عن عدم كون الموجب له علة تامة، وعدم كون الحق متقوما بذاته من حيث هو ذاته، وإلا لم يكن لينتقل عنه بالإرث.
ومنها - الأولوية بالسبق في المساجد والمدارس والقناطر والرباطات والطرق النافذة، ونحو ذلك من الحقوق الراجعة إلى عموم الناس أو المتلبس بعنوان منهم. فالذي يظهر من كثير منهم أنه من الحقوق، ولعله نظرا إلى إطلاق الحق عليه في حديث: (من سبق إلى ما لم يسبق إليه أحد كان