والفضة، لأن ظهورهما في تمام ما بقي بعد استثناء الدرهم والدينار إنما هو من جهة ظهور الاستثناء في الحصر، فمع فرض عدمه ينتفي هذا الظهور، ولا تكونان - حينئذ - كالعام المخصص بمنفصل، من حيث بقاء الظهور الوضعي، وهو ظهورهما في جميع أفراد العارية لترجع النسبة إلى العموم والخصوص المطلقين، بل ذلك الظهور منتف بسبب اقترانهما بالاستثناء لا محالة، فإذا صارتا مجملتين مهملتين، فتكونان في قوة القضية الجزئية في القدر المتيقن منهما، وهو عارية غير الذهب والفضة مطلقا حتى المصوغ منهما، فحينئذ لا يعارض العقد السلبي منهما للإيجابي من الرواية الأخيرة، فإن العقد الإيجابي منها لا يعارض السلبي منهما في ذلك القدر المتيقن، لاختلاف موضوعهما، والسلبي منهما لا يعارض الإيجابي منها في المصوغ من الذهب والفضة، لفرض عدم دلالته على نفي الضمان عنه، مع دلالة الإيجابي على ثبوت الضمان فيه، فمقتضى القاعدة حينئذ الحكم بثبوت الضمان في استعارة مطلق الذهب والفضة، لمكان العقد الإيجابي المذكور مع سلامته عما يعارضه، كما أن مقتضى القاعدة على التقدير الأول - أعني تقدير كون الروايتين بمنزلة رواية واحدة - ترجيح العقد السلبي منهما على ذلك الإيجابي نظرا إلى كون العام أقوى دلالة من المطلق، فيكون التصرف في المطلق عند التعارض والدوران أقرب.
اللهم إلا أن يمنع ذلك، بأن العام وإن كان نوعا أقوى من المطلق إلا أن المطلق قد يكون أقوى منه في بعض الموارد بواسطة بعض الخصوصيات اللاحقة له، كما في محل الكلام، فإن عارية الدرهم والدينار في غاية الندرة والشذوذ، بل لم نقف على وقوعها في الخارج.
بخلاف المصوغ من الذهب والفضة، كالحلي، فإن استعارته شائع جدا، فلو قيد الذهب والفضة بالدرهم والدينار يلزم تقييدهما بالفرد النادر في مقام العارية، وهو في نفسه بعيد جدا وأبعد من تخصيص العام بغير المصوغ منهما،