فاعلم أنه بعد تقديم ما حقه التقديم من المتعارضات مع عدم انقلاب النسبة بين ما بقي من العام المخصص وبين معارض آخر له، فإما أن يقل أفراد ذلك العام بعد تخصيصه بما يجب تقديمه عليه إلى حيث ينتهي إلى منتهى مراتب التخصيص الذي لا يجوز التخصيص إلى ما دونه أو إلى ما يقرب منه مما يستبعد التخصيص إليه وإن جاز، أو لا يقل كذلك.
فإن كان المورد من قبيل الفرض الثاني، فلا ينبغي الإشكال في تقديم العام الآخر الغير المخصص على ذلك العام في مورد التعارض، وهو مورد اجتماعهما، فإن العام الآخر لعدم تطرق تخصيص إليه أقوى منه، فإن دلالته بواسطة تطرقه إليه موهونة، فاحتمال التخصيص فيه أقرب منه في العام الآخر، فيتعين، وهنا إنما هو مورد القضية المعروفة بينهم، من أن تطرق التخصيص أو كثرته يوجب وهو دلالة العام.
وإن كان من قبيل الفرض الأول، فالعمل فيه على عكس ما في الفرض الثاني، أما على التقدير الأول منه وهو لزوم قلة الأفراد إلى حيث ينتهي إلى منتهى مراتب التخصيص، فلعين ما مر في وجه تقديم العام المخصص المنحصر مورده في مورد اجتماعه مع العام الآخر، واما على التقدير الثاني منه فلفرض بعد التخصيص في العام المذكور زائدا على القدر المتيقن مع قربه من العام الآخر، وهنا إنما هو مورد القضية المعروفة من أن إذا كثر التخصيص في عام مع عدم كثرته في عام آخر معارض له كان احتماله في الأول أبعد فإن مرادهم من كثرة التخصيص الموجب لبعد احتمال التخصيص إنما هو ما بلغ هذا المقدار من الكثرة، لا مطلقا فافهم.
قوله - قدس سره -: (والسر في ذلك واضح... - إلى قوله -: أو طرح الظاهر المنافي له رأسا) (1)