والفرق بينه وبين الأول: تحقق الإطاعة والعصيان الواقعيتين بمجرد إيقاع العمل على طبقها أو عدم إيقاعه إذا كانت متضمنة لتكليف على الأول مطلقا، وعلى الثاني إذا صادفت تكليفا واقعيا لا مطلقا، بحيث تكون مخالفتها - فيما إذا لم يكن في مواردها - مجرد تجر.
وثالثها: أن يكون اعتبارها على وجه الطريقية بالنسبة إلى نفي الاحتمال المخالف لها فحسب، بأن يراد من تلك الأدلة أنه لا يعبأ بالاحتمال المخالف لمؤديات تلك الطرق والأمارات، فيكون نفس الاحتمال الموافق لها كالمسكوت عنه، لعدم كونها دليلا عليه حينئذ.
ورابعها: أن يكون اعتبارها على وجه الطريقية في تمام مؤداها وكونها منزلة منزلة العلم، بأن يراد من تلك الأدلة جعل مؤداها بمنزلة المتيقن وجعل الاحتمال المخالف لها بمنزلة العدم.
وأما الوجوه المتصورة في كيفية اعتبار الأصول - أيضا - أربعة بالنظر إلى الشك المأخوذ في موضوعها وإلى العلم الذي جعل غاية لارتفاعها في أدلة اعتبارها.
أحدها: أن يكون المراد بالشك في أدلة اعتبارها هو الجهل المقابل للعلم، وكان المراد بالعلم هو صفة القطع.
وثانيها: الوجه الأول بحاله بالنظر إلى الشك مع كون المراد بالعلم في الأدلة هو مطلق الطريق الشامل لغير العلم من الظنون المعتبرة، بأن يكون المراد به هو مطلق الحجة على خلاف الأصول.
وثالثها: أن يكون المراد بالعلم هو صفة القطع، لكن يكون المراد بالشك هو التحير في مقام العمل.
ورابعها: أن يكون المراد بالشك عدم الحجة، وبالعلم مطلق الحجة.
فإذا عرفت ذلك كله فاعلم: أنه إن كان اعتبار الطرق والأمارات على