ويوجب انعقاد ظهور آخر في ما عدا المخرج، بمعنى أن الكلام معه يكون ظاهرا في ثبوت الحكم لتمام الباقي وكون موضوعه هو تمام الباقي، فلذا إذا جاء مخصص منفصل بعده تلاحظ النسبة بين ظهوره في تمام الباقي، لا في الجميع لانتفائه، هذا بخلاف الأول، أعني المنفصل، فإنه - كما عرفت - لا يوجب ذلك، بل العام معه ظاهر في ثبوت الحكم لما كان ظاهرا في ثبوته له بدونه.
ثم إن المصنف (قدس سره) وإن أصاب في جعل المخصص اللبي كاللفظي المنفصل، إلا أن في جعله المنفصل مانعا عن نفس ظهور العام وموجبا لإجماله - كما هو ظاهر كلامه - ما عرفت، فلا تغفل ولا تقله.
قوله - قدس سره -: (ومن هنا يصح أن يقال إن النسبة بين قوله ليس في العارية ضمان إلا الدينار والدرهم وبين ما دل على ضمان الذهب والفضة عموم من وجه) (1) يعني مما مر من أن التخصيص بالاستثناء من قبيل التخصيص بالمتصل صح القول بما ذكر، وذلك لأنه لو خصص دليل نفي الضمان عن العارية بمنفصل، كأن يقال يضمن في استعارة الدرهم والدينار لكان ذلك الدليل - وهو قوله ليس في العارية ضمان - ظاهرا في عموم نفي الضمان بالنسبة إلى أي عارية فكانت النسبة بينه بعد التخصيص بالمنفصل - أيضا - وبين دليل الضمان في الذهب والفضة هي العموم مطلقا، لكن تخصيصه بالاستثناء الذي هو من قبيل المتصل أوجب ظهوره في نفي الضمان عن غير الدرهم والدينار عموما الذي هو تمام الباقي والنسبة بين غير الدرهم والدينار وبين الذهب والفضة هي العموم من وجه لتصادقهما في المصوغ من الذهب والفضة، وافتراق الأول في غير الذهب والفضة، وافتراق الثاني في الدرهم والدينار المستثنيين من العام.