التعارض بينه وبين خطاب آخر - وبين سائر الخطابات المتعارضة له ما لا يخفى على المتأمل، من منافاته لما مر منه (قدس سره) سابقا في مقام الرد على الفاضل النراقي من أن التعارض بين دليلين إنما يلاحظ بالنظر إلى ظاهريهما قبل علاج التعارض بين أحدهما وبين معارض آخر له، فإن العلاج إنما هو من قبيل دفع المانع، لا إحراز المقتضي، فحمل خطاب على معنى لمرجح في معارضه لا يجعله ظاهرا في ذلك المعنى حتى تلاحظ النسبة بينه وبين خطاب آخر معارض له، فلم يبق الفرق من حيث ملاحظة النسبة قبل العلاج بين تساوي نسب المتعارضات وبين اختلافها.
والحاصل: أن مقتضى ما يبنى عليه ثمة - من كون المخصص مانعا من ظهور العام وغير موجب لظهوره فيما بقي إذا كان منفصلا كما هو المفروض هنا - إجمال العام المخصص بالخاص المنفصل في المقام، ومعه لا ظهور له حتى تلاحظ النسبة بينه وبين معارض آخر له.
والذي يقتضيه التأمل، أنه على تقدير انقلاب النسبة بين متعارضين من المتعارضات بعد تقديم ما حقه التقديم على أحدهما - بأن تكون النسبة بين ما بقي منه بعد تخصيصه بما قدم عليه وبين المعارض الآخر مخالفة ومغايرة لما كانت بينهما قبله، كأن تكون النسبة بينهما قبله هي العموم مطلقا، يكون المخصص بما حقه التقديم عليه أعم من الآخر مطلقا، ثم انقلبت بعده إلى العموم من وجه، أو كانت قبله هي العموم من وجه ثم صار ذلك المخصص بعد التخصيص أخص مطلقا من الآخر - أن يقال بعدم الفرق من حيث ملاحظة النسبة بينهما بالنظر إلى ظاهريهما قبل تخصيص أحدهما بين الحالتين، بل يجب بعد التخصيص أيضا ملاحظة النسبة بينهما بالنسبة إلى ظهوريهما قبله مطلقا، من غير فرق بين ما إذا انقلبت بعده إلى العموم من وجه أو إلى العموم مطلقا، على النحو الذي عرفت، لما مرت الإشارة إليه، من أن الكلام في المخصص المنفصل، وليس من شأنه إزالة