أقول لا وقع لهذا السؤال بعد منع ظهور الروايتين المستثنى منهما الدراهم والدنانير في إرادة تمام الباقي، فان المنافاة إنما تتحقق على تقدير هذا الظهور وبملاحظته، وأما بدونه فإخراج الدراهم والدنانير ليس لظهور الكلام في خروج خصوصهما، بل من باب القدر المتيقن، فلا منافاة.
قوله - قدس سره -: (إلا أن يقال إن الحصر في كل من روايتي الدرهم والدينار موهون من حيث اختصاصهما بأحدهما) (1) أقول: بعد فرض الروايتين كرواية واحدة لا وقع لهذا الدفع أصلا، إذ لازم جعلهما كرواية واحدة الالتزام بمقتضى الرواية الواحدة المستثنى منها الدراهم والدنانير، وهو الحصر، فلا وجه لدفعه بتوهين الحصر نظرا إلى وقوع استثنائهما في روايتين.
نعم يتجه توهينه بما أشار إليه بقوله: ويؤيد ذلك أن تقييد الذهب والفضة بالنقدين مع غلبة استعارة المصوغ بعيد جدا، هذا.
ثم إن خلاصة المقال، في تحقيق الحال، في رواية الدرهم والدينار مع رواية الذهب والفضة، أن في العارية خمس روايات:
ثنتان منها وهما صحيحتا الحلبي ومحمد بن مسلم دالتان على نفي الضمان في العارية عموما.
وإحداها دالة عليه، مع تضمنها لاستثناء الدراهم.
وأخرى دالة عليه مع تضمنها لاستثناء الدنانير.
وثالثة دالة عليه مع تضمنها لاستثناء الذهب والفضة.
أما الأوليان: فلا بد من تخصيصهما بغير الدراهم والدنانير، المستثنيين من الثانيتين لا محالة، فإنه قد خصص عموم نفي الضمان في الثانيتين بغيرهما،