فهي قوله عليه السلام: «ليس الحرام إلا ما حرم الله...» (1)، ومورد السؤال فيها إنما هو جواز أكل بعض أصناف السمك، والظاهر منها أنه ليس الحرام إلا ما حرم الله في الكتاب، فيكون مفادها مفاد الآية، فكل شيء لم يكن مما حرم الله في الكتاب يحكم بحليته واقعا بمقتضي العموم، فيحرز به الإباحة الواقعية التي هي شرط تأثير التذكية.
قوله - قدس سره -: (وحينئذ فيحكم الجاهل بما يحكم به عقله) (2) أي حين لم يفت المجتهد بشيء من الاحتياط والبراءة - حتى يكون هو المستند للجاهل المقلد - فيكون حال الجاهل مثل فاقد المجتهد في الدنيا، فيعمل - حينئذ - بما يحكم عقله، فإن قول الأخباري بأن العقل يحكم بكذا، أو قول المجتهدين بأنه يحكم بكذا - حينئذ - إخبار عن حكم العقل، والجاهل - أيضا - من أهل العقل، فالمعتمد عقل نفسه، لا عقل غيره، وأمر الأخباري إياه بالاحتياط من باب الإرشاد لا يلزمه عليه (3)، إذ الأمر الإرشادي لا يكون حجة عليه شرعا، وإنما الحجة هو فتواه واعتقاده القائم بنفسه، والمفروض عدمه.
نعم يمكن أن يكون قول الأخباريين أو المجتهدين معينا لعقله وإدراكه، كما في المعلم بالنسبة إلى المتعلم فإن المتعلم لا يقلد المعلم في المطالب، إلا أنه يستعين من المعلم (4) فيها، وكثيرا يكون قول المعلم معينا له على إدراك مطلب.
وظيفة الجاهل عند عدم إفتاء المجتهد بالاحتياط قوله - قدس سره -: (وربما يتوهم: أن الإجمال إذا كان في متعلق الحكم - إلى قوله -: كان داخلا في الشبهة في طريق الحكم، وهو