وهي قبح العقاب من غير بيان؟ وطريق الجواب عنها: أن منافاة تلك القاعدة على تقدير ثبوتها لهذه إنما تتصور على وجهين:
أحدهما: أن تكون تلك رافعة لموضوع هذه، بكونها بيانا للتكليف المجهول.
وثانيهما: أن يكون ما نحن فيه - أعني الشبهة التحريمية - مصداقا لكليهما بحيث يشمله تلك وهذه.
وهي - بكلا وجهيها - مدفوعة:
أما على الأول: فبما ذكره - قدس سره - من أن الحكم المذكور على تقدير ثبوته لا يكون بيانا للتكليف المجهول، بمعنى أنه لا يصلح لذلك، نظير عدم صلاحية الأمر بوجوب الإتيان بمشكوك الوجوب - مثلا - لكونه بيانا للتكليف الوجوبي الواقعي، بل هي قاعدة ظاهرية موضوعها محتمل الضرر، فلو تمت - بمعنى أنه ثبت كونها حكما شرعيا، لا إرشاديا - فالعقاب على مخالفة نفسها، لأنها - حينئذ - بيان لحكم موردها ولو لم يكن تكليف واقعي في موردها أصلا، لا على التكليف المحتمل على فرض وجوده، فإذا كان المأخوذ في موضوعها احتمال الضرر فلا تصلح لورودها على قاعدة قبح العقاب بلا بيان، فإن جريانها في مورد فرع احتمال الضرر، والقاعدة المذكورة تنفيه، فتكون هي واردة على تلك، لا العكس.
وأما على الثاني: فظهر وجهه - أيضا - مما ذكرنا، فإن ما نحن [فيه] ليس من أفراد تلك القاعدة أصلا، بل هو [فرد] لهذه القاعدة فقط، وهي مخرجة له عن كونه من أفراد تلك.
وشيخنا الأستاذ - قدس سره - إنما اقتصر على بيان الإشكال على الوجه