المدلول المطابقي لأحدهما لا على التعيين إنما لا ينفع في الحكم بإرادة خصوص واحد من المدلولين المطابقيين لهما، وأما في الحكم بعدم إرادة الثالث فيجدي جدا، فإن المفروض أن كل واحد من الطريقين دال على نفي الثالث التزاما، فأحدهما لا على التعيين المحكوم بإرادة مدلوله المطابقي في أي منهما تعين، يقتضي نفي الثالث التزاما.
هذا تمام الكلام في المقام الأول.
واما المقام الثاني: فتوضيح المرام أن المتصور فيه، بل الممكن وجوه:
أحدهما: أن يكون المستعمل فيه الخطاب الدال على اعتبار الخبر هو الوجوب التعييني، لكن بالنظر إلى ذات الخبر من غير ملاحظة حال التعارض أو التزاحم، بأن يوجه به البعث والتحريك إلى العمل به بالنظر إلى ذاته، كما هو الحال في الخطاب الدال على حلية الأشياء أو طهارتها، كقوله تعالى: أحل لكم الطيبات (1) فإن المراد به إنما هو الرخصة في تناولها بالنظر إلى ذاتها التي لا تنافي المنع عن تناولها في بعض الحالات لأجل عروض مانع، ككونها مغصوبة مثلا.
نعم المانع عند عروضه مانع من فعليتها مع بقاء مقتضيها.
وفائدة الرخصة، أو الطلب كذلك - فيما إذا اتحد متعلقهما مع عنوان محرم، فارتكبه المكلف حينئذ - أنه يستحق حينئذ عليه عقاب واحد، وبدونهما - بأن يكون أصل الفعل في حد ذاته محرما إذا اتحد مع عنوان آخر محرم كأكل النجس المغصوب مثلا (2) - يتعدد العقاب على الارتكاب.