قوله [قدس سره]: (فتأمل) (1) لعله إشارة إلى منع كون الإباحة هو الترخيص المعلوم، بل هي عبارة عن نفس الترخيص الواقعي، وهو قد يكون معلوما، وقد يكون مجهولا، كما فيما نحن فيه، وهذا هو الذي ارتضاه السيد الأستاذ - دام ظله - أيضا.
قوله - قدس سره -: (لأن من شرائطها قابلية المحل، وهي مشكوكة، فيحكم بعدمها) (2) لأحد أن يقول: إن قابلية المحل ليست إلا حلية الحيوان ذاتا، فبأصالة الحل تحرز تلك الحلية، فيحرز بها مورد تأثير التذكية وشرطها، والمفروض إحراز نفس التذكية، فيكون الحيوان المذكى حلالا.
وبعبارة [أخرى]: إنا نعلم أن الشارع جعل التذكية سببا تاما للحلية فيما يكون حلالا ذاتا، فإذا ذكينا ما شككنا في حليته الذاتية فنحرز بأصالة الحل حليته الذاتية، فنحكم بحليته، إذ لا قصور في السبب أصلا، ولو كان فهو من جهة المحل، لاحتمال عدم كونه حلالا ذاتا، وقد أحرزنا تماميته أيضا، فعلى هذا لا حاجة لنا إلى عموم يدل على جواز تذكية كل حيوان.
والحاصل: أن المتصور في كل حيوان من جهة الحرمة حيثيتان، إحداهما حيثية ذات الشيء بما هو، وثانيتهما: حيثية كونه ميتة، والتذكية قد جعلها الشارع سببا تاما لرفع الحرمة من الحيثية الثانية، وإذا أحرزت الحلية من حيث الذات فأصل التذكية محرز بالحس، وشرطه - وهو كون المحل حلالا ذاتا - بأصالة الحل - كما مر - فالتذكية الشرعية - التي هي سبب (فعلي) لجواز أكل لحم الحيوان - محرزة، فلا معنى لأصالة عدمها، لعدم الشك فيها ولو بحكم الأصل المحرز