يعني لأجل ما ذكرنا من أن المستفاد من مجموع الأخبار هو الترجيح بالمرجحات المنصوصة من الشهرة وما بعدها.
قوله - قدس سره -: (إلا أن يقال: إن إطلاقات التخيير حاكمة على هذا الأصل).
أقول: قد يتوهم أن التمسك بتلك الإطلاقات لا يستقيم في المقام، لكون الشبهة فيه مصداقية، نظرا إلى العلم بتقيد تلك المطلقات بصورة عدم مزية معتبرة شرعا لأحد المتعارضين، فيكون الشك في اعتبار مزية في أحدهما آئلا إلى الشك في كونها مصداقا لتلك المزايا المعلوم خروجها عنها إجمالا.
لكنه مدفوع بأن القدر المسلم بين المتعدي عن المرجحات المنصوصة وبين المقتصر عليها - إنما هو تقيدها بتلك المرجحات المنصوصة، لا بمزية واقعية غير معلومة العنوان، حتى يكون الشك في اعتبار مزية راجعا إلى مصداقيتها لتلك المزية.
وبعبارة أخرى أوضح: إنه لا نزاع بين الفريقين في وجوب الأخذ بالمرجحات المنصوصة، وتقيد تلك المطلقات بالنسبة إليها لا محالة، وإنما النزاع بينهما في غيرها من المزايا الموجبة لأقربية احتمال صدور ذيها، أو احتمال كون وجه صدوره بيان الواقع أو أبعدية ذينك الاحتمالين فيه عن الباطل بعد الفراغ عن كون المزية المبحوث عن اعتبارها كذلك، فالمتعدي يدعي تقيدها بصورة عدم مطلق المزية كذلك، التي من أفرادها المزايا المنصوصة، والمقتصر يدعي تقيدها بصورة فقد تلك المزايا الخاصة المنصوصة، ومن المعلوم أن التقييد على تقدير التعدي أكثر منه على تقدير الاقتصار على المزايا المنصوصة، فيكون الشك في اعتبار مزية من غير المزايا المنصوصة راجعا إلى الشك في التقييد البدوي