يقال: إن المزايا غير المنصوصة قد فرضنا كونها مزايا على الوجه المتقدم، وإنما الكلام في اعتبارها، وبعد فرض ظهور اختصاص أدلة التخيير بغير صورة مطلق المزية لا حاجة لنا إلى ظهور أخبار الترجيح في الأخذ بمطلق المرجح، لما قد أشرنا إليه غير مرة من أن مقتضى الأصل الأولي في الخبرين المتعارضين هو التوقف وتساقطهما في مؤداهما، إلا أن الإجماع قام على عدم سقوط كليهما عن الحجية حينئذ، بل أحدهما حجة في مؤداه، فيدور الأمر - حينئذ - بين كون أحدهما حجة على التعيين أو كونه حجة على التخيير، وبعد ما فرضنا انتفاء احتمال كونه حجة على التخيير بمقتضى ظهور اختصاص تلك الأخبار بغير مورد الفرض، يتعين كونه حجة على التعيين، وهو المطلوب.
وأما ظهور اختصاصها بصورة التحير، فلا يجدينا في المقام في شيء أصلا، ضرورة أن التحير لا يرتفع بمجرد وجود مزية في المورد لأحد المتعارضين، وإنما يرتفع بثبوت اعتبارها شرعا عند المكلف، ومع الشك فيه - كما هو المفروض - فالتحير متحقق، وإن فرض كونه ثابتا في الواقع، لأن مجرد اعتبار مزية في الواقع مع عدم العلم باعتبارها لا يرفع التحير، فيتوقف رفعه في مورد الشك على ظهور أدلة الترجيح على اعتبار مطلق المزية.
قوله - قدس سره -: (فما يمكن استفادة هذا المطلب منه فقرات من الروايات) (1) اعلم أن إفادة بعض تلك الفقرات للمطلوب على نحو الإشعار، وإفادة بعضها له على نحو الدلالة.
أما المشعرة به منها فهي المتضمنة للترجيح بالأصدقية، والأوثقية في المقبولة، والمرفوعة، فإن اعتبار هاتين الصفتين يشعر بأن النظر في اعتبارهما إنما