هو إلى كونهما موجبتين لأقربية ما يرويه المتصف بهما إلى الحق مما يرويه الفاقد لهما.
لا يقال: إن أكثرية ملكة الوثاقة والصداقة للراوي لا يلازم أقربية ما يرويه إلى الحق، إذ غاية ما يلازمه إنما أكثرية تحرزه عن تعمد الكذب، واحتياطه في نقل الرواية، ومن المعلوم أن ذلك بنفسه غير ملازم للأقربية لإمكان الخطأ والسهو في حقه، بل ربما يكون كثير السهو، فيكون الأقرب خلاف ما يرويه، فإذا لم تكن ملازمة بين الصفتين المذكورتين وبين أقربية ما يرويه المتصف بهما إلى الحق، فلا يكون اعتبارهما مشعرا بكونهما معتبرتين لأجل أنهما توجبان تلك الأقربية حتى نتعدى منهما إلى مطلق المزية الموجبة لها.
لأنا نقول: إن لمخالفة الرواية للواقع جهات:
منها: تعمد الراوي للكذب.
ومنها: عدم احتياطه في طريق تحملها وعدم تأمله فيه حق التأمل، مع كونه متحرزا عن تعمد الكذب، بمعنى أنه يتحملها عن طريق يثق به في بادئ النظر، بحيث لو تأمل فيه حق التأمل لذهب عنه ذلك الوثوق، فلا يرويها.
ومنها: عروض السهو والنسيان له، اللذين هما كالطبيعة الثانية للإنسان.
ومنها: كثرتهما.
أما الأخير، فهو مفروض العدم في مقام التعارض بالنسبة إلى كل من الراويين، إذ عدمه من شرائط الحجية، والمفروض حجية الخبرين المتعارضين في حد أنفسهما.
وأما سابقه: فهو مشترك بين الراويين، فتبقى الأوليان.
ومن المعلوم أنه كلما ضعف جهة من جهات المخالفة للواقع في شيء يكون احتمال موافقته له أقرب منه فيما لم يضعف فيه تلك الجهة.
ومن المعلوم - أيضا - ضعف الأوليين بتينك الصفتين في حق المتصف بهما