وأما في الاصطلاح: فالظاهر عدم نقلهما عن معنييهما الأصليين إلى غيرهما، بل يكون إطلاقهما على شهرة الرواية أو الفتوى أو على شذوذهما باعتبار معنييهما الأصليين، كما أن إطلاقهما في أخبار الأئمة عليهم السلام أيضا كذلك بطريق أولى.
وبالجملة هما في جميع الموارد بمعنى الوضوح والانفراد، واختلافهما في الموارد إنما هو من اختلاف مصاديقهما ومشخصاتهما، فإن الذي يختلف باختلاف الموارد إنما هو جهة الوضوح والانفراد، لا أنفسهما.
ومشهور الرواية معروفيتها بين العلماء، بأن عرف كل واحد منهم وجودها في الروايات المأثورة عن أهل العصمة عليهم السلام ولو كان ناقلها واحدا.
ويقابلها شاذها، وهي ما لم يعرفها إلا نادر منهم، وإطلاق الشاذ عليها باعتبار انفرادها عن المشهورة بهذا الاعتبار، وعدم وصولها إلى حدها من الوضوح، كما أن مشهور الفتوى ما كان معروفا بينهم بحيث يعرفه كل أحد على وجه لا ينكر وجوده في جملة فتاوى العلماء، بل يعترف بوجوده ولو كان المفتي شخصا واحدا.
وقد توصف الرواية بالشهرة أو الشذوذ من حيث الفتوى، ويقال: إنها مشهورة أو شاذة من حيث الفتوى، والمراد حينئذ إنما هو كون مضمونها اشتهر الإفتاء به أو شذ بالاعتبار المذكور في شهرة الفتوى وشذوذه.
ومن هنا يعلم الفرق بين المشهور من الرواية ومستفيضها، أو متواترها، وكذا الفرق بين المشهور من الفتوى والمجمع عليه منه.
وتوضيح الفرق: أن توصيف الرواية بكونها مشهورة - كما عرفت - إنما هو باعتبار معروفيتها بين العلماء من غير نظر إلى تعدد راويها أصلا.
بخلاف المستفيض والمتواتر، فإن توصيفها بهما إنما هو باعتبار تعدد وكثرة راويها، من غير نظر إلى الاعتبار الأول أصلا.