ولكنه تميز بذلك لأنه أسند إليه منصب الإمامة بعد شهادة أبيه (عليهم السلام) وهو في سن الثامنة من عمره الشريف، وهذا من أوضح الكرامات والمعجزات التي اختص بها الأئمة من عترة المصطفى (عليهم السلام)، ولا تفسير لهذه الظاهرة إلا القول بما تذهب إليه الشيعة من أن الله تعالى قد أمد أئمة أهل البيت (عليهم السلام) بالعلم والحكمة وآتاهم من الفضل ما لم يؤت أحدا من العالمين من غير فرق بين الصغير والكبير منهم.
وقد ذكر الرواة بوادر كثيرة من ذكائه، كان منها أن المعتصم بعدما اغتال الإمام الجواد (عليه السلام) عهد إلى عمر بن الفرج أن يشخص إلى يثرب ليختار معلما لأبي الحسن الهادي البالغ من العمر آنذاك نحو ثمان سنين على أكثر تقدير وقيل:
ست سنين وأشهرا، وقد عهد إليه أن يكون المعلم معروفا بالنصب والانحراف عن أهل البيت (عليهم السلام)، ليغذيه ببغضهم.
روى المسعودي بإسناده عن الحميري، عن محمد بن سعيد مولى لولد جعفر ابن محمد، قال: قدم عمر بن الفرج الرخجي المدينة حاجا بعد مضي أبي جعفر الجواد (عليه السلام)، فأحضر جماعة من أهل المدينة والمخالفين المعادين لأهل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقال لهم: أبغوا لي رجلا من أهل الأدب والقرآن والعلم، لا يوالي أهل هذا البيت، لأضمه إلى هذا الغلام وأوكله بتعليمه، وأتقدم إليه بأن يمنع منه الرافضة الذين يقصدونه.
فأسموا له رجلا من أهل الأدب يكنى أبا عبد الله، ويعرف بالجنيدي، وكان متقدما عند أهل المدينة في الأدب والفهم، ظاهر الغضب والعداوة.
فأحضره عمر بن الفرج وأسنى له الجاري من مال السلطان، وتقدم إليه بما أراد، وعرفه أن السلطان أمره باختيار مثله وتوكيله بهذا الغلام.
قال: فكان الجنيدي يلزم أبا الحسن (عليه السلام) في القصر بصريا، فإذا كان الليل