علي من غير أن ابذل نفسي لك فقتلتني، ولقيت الله - عز وجل - بدمي، ولقيته قتيلا مظلوما، فاسترحت من هذه الدنيا.
واعلم أني رجل طالب النجاة لنفسي، واجتهدت فيما يرضى الله عز وجل عني وفي عمل أتقرب به إليه، فلم أجد رأيا يهدي إلى شئ من ذلك، فرجعت إلى القرآن الذي فيه الهدى والشفاء، فتصفحته سورة سورة، وآية آية، فلم أجد شيئا أزلف للمرء عند ربه جل وعز من الشهادة في طلب مرضاته ثم تتبعته ثانية أتأمل الجهاد أيه أفضل، ولأي صنف، فوجدته جل وعلا يقول: (قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة) فطلبت أي الكفار أضر على الاسلام، وأقرب من موضعي، فلم أجد أضر على الاسلام منك، لان الكفار أظهروا كفرهم، فاستبصر الناس في أمرهم، وعرفوهم فخافوهم وأنت ختلت المسلمين بالاسلام، وأسررت الكفر، فقتلت بالظنة، وعاقبت بالتهمة، وأخذت المال من غير حله فأنفقته في غير محله، وشربت الخمر المحرمة صراحا، وأنفقت مال الله على الملهين وأعطيته المغنين، ومنعته من حقوق المسلمين، فغششت بالاسلام، وأحطت بأقطاره إحاطة أهله، وحكمت فيه للمشرك، وخالفت الله ورسوله في ذلك خلافة المضاد المعاند، فان يسعدني الدهر، ويعينني الله عليك بأنصار الحق، أبذل نفسي في جهادك بذلا يرضيه مني، وإن يمهلك ويؤخرك ليجزيك بما تستحقه في منقلبك، أو تخرتمني الأيام قبل ذلك فحسبي من سعيي ما يعلمه الله عز وجل من نيتي، والسلام.
ولم يزل عبد الله متواريا إلى أن مات في أيام المتوكل.
فحدثني أحمد بن سعيد، قال: حدثني يحيى بن الحسن، قال: حدثنا إسماعيل ابن يعقوب، قال: سمعت محمد بن سليمان الزينبي يقول: نعى عبد الله بن موسى إلى المتوكل صبح أربع عشرة ليلة من يوم مات، ونعى له أحمد بن عيسى فاغتبط بوفاتهما وسر، وكان يخافهما خوفا شديدا، ويحذر حركتهما، لما يعلمه من فضلهما واستنصار الشيعة الزيدية بهما وطاعتها لهما لو أرادوا الخروج عليه، فلما ماتا أمن