رسوله، لأن الرسول (صلى الله عليه وآله) وآله (عليهم السلام) لا يعدون شيئا من قوله، وأقاويلهم حدود القرآن، فإذا وردت حقائق الأخبار والتمست شواهدها من التنزيل، فوجد لها موافقا وعليها دليلا، كان الاقتداء بها فرضا لا يتعداه إلا أهل العناد، كما ذكرنا في أول الكتاب.
ولما التمسنا تحقيق ما قاله الصادق (عليه السلام) من المنزلة بين المنزلتين، وإنكاره الجبر والتفويض، وجدنا الكتاب قد شهد له، وصدق مقالته في هذا، وخبر عنه أيضا موافق لهذا، أن الصادق (عليه السلام) سئل هل أجبر الله العباد على المعاصي؟ فقال الصادق (عليه السلام): " هو أعدل من ذلك "، فقيل له: فهل فوض إليهم؟ فقال (عليه السلام): " هو أعز وأقهر لهم من ذلك ".
وروي عنه أنه قال: " الناس في القدر على ثلاثة أوجه: رجل يزعم أن الأمر مفوض إليه، فقد وهن الله في سلطانه فهو هالك، ورجل يزعم أن الله جل وعز أجبر العباد على المعاصي وكلفهم ما لا يطيقون فقد ظلم الله في حكمه فهو هالك، ورجل يزعم أن الله كلف العباد ما يطيقون، ولم يكلفهم ما لا يطيقون، فإذا أحسن حمد الله، وإذا أساء استغفر الله فهذا مسلم بالغ "، فأخبر (عليه السلام) أن من تقلد الجبر والتفويض ودان بهما، فهو على خلاف الحق.
فقد شرحت الجبر الذي من دان به يلزمه الخطأ، وأن الذي يتقلد التفويض يلزمه الباطل، فصارت المنزلة بين المنزلتين بينهما.
ثم قال (عليه السلام):
وأضرب لكل باب من هذه الأبواب مثلا يقرب المعنى للطالب، ويسهل له البحث عن شرحه، تشهد به محكمات آيات الكتاب، وتحقق تصديقه عند ذوي الألباب، وبالله التوفيق والعصمة.