في التشيع، حتى قيل: إنه هم أن يخلع نفسه ويفوض الأمر إليه (1).
فالظاهر من الأدلة المذكورة على تشيعه أن المأمون كان يتشيع تصنعا وتكلفا لا طبعا وفطرة.
فأما مسألة إفتائه بتحليل متعة النساء وقوله: ومن أنت يا جعل حتى تحرم ما أحل الله، فقد رجع إلى القول بتحريمها، وأمر بالنداء بذلك في سائر أطراف الدولة (2).
وأما مسألة طرح السواد ولبس الخضرة، فقد ذكر جميع المؤرخين أنه قد تراجع عن هذا الأمر وألغاه، وعاد إلى شعار الآباء وهو السواد، فقد وصل المأمون سنة 204 ه إلى بغداد، فتلقاه إلى النهروان بنو العباس، وعتبوا عليه في لبس الخضرة، فتوقف ثم أعاد السواد (3).
وفي (مختصر تأريخ ابن عساكر): قدم المأمون بغداد سنة 204 ه في صفر، وطرح الخضرة وعاد إلى السواد (4).
وهكذا كانت شعارات المأمون مرحلية ومؤقتة لم تلبث أن تزول بمجرد اصطياد المكاسب السياسية المتوخاة.
أما أشعاره في مدح أمير المؤمنين علي (عليه السلام)، فليست دليلا كافيا على تشيعه، ولو كانت كذلك لكانت الأشعار دليلا على تشيع الشافعي وابن أبي الحديد وغيرهما