لا يسعنا استقصاؤه جميعا، ومن باب ما لا يدرك كله لا يترك جله سنعرض فيما يلي غيضا من فيض أجوبته ومناظراته ومحاوراته مع بعض متكلمي عصره، تعكس للقارئ صورة عن الأسلوب العلمي الهادئ الرصين الذي كان يتبناه أئمة الهدى (عليهم السلام) في حوارهم ومناظراتهم مع الخصوم والمخالفين.
مع أهل الأديان والزنادقة:
1 - في (الخرائج والجرائح): روي عن محمد بن الفضل الهاشمي - في مناظراته (عليه السلام) مع الجاثليق ورأس الجالوت - قال: ثم إن الرضا (عليه السلام) التفت إلى الجاثليق، فقال: هل دل الإنجيل على نبوة محمد (صلى الله عليه وآله)؟ قال: لو دل الإنجيل على ذلك ما جحدناه. فقال (عليه السلام): أخبرني عن السكتة التي لكم في السفر الثالث.
فقال الجاثليق: اسم من أسماء الله تعالى، لا يجوز لنا أن نظهره.
فقال الرضا (عليه السلام): فإن قررتك أنه اسم محمد (صلى الله عليه وآله) وذكره، وأقر عيسى به، وأنه بشر بني إسرائيل بمحمد (صلى الله عليه وآله)، أتقر به ولا تنكره؟
قال الجاثليق: إن فعلت أقررت، فإني لا أرد الإنجيل ولا أجحده.
قال الرضا (عليه السلام): فخذ علي السفر الثالث الذي فيه ذكر محمد (صلى الله عليه وآله) وبشارة عيسى (عليه السلام) بمحمد (صلى الله عليه وآله). قال الجاثليق: هات. فأقبل الرضا (عليه السلام) يتلو ذلك السفر من الإنجيل، حتى بلغ ذكر محمد (صلى الله عليه وآله)، فقال: يا جاثليق، من هذا [النبي] الموصوف؟ قال الجاثليق: صفه.
قال (عليه السلام): لا أصفه إلا بما وصفه الله، هو صاحب الناقة والعصا والكساء، النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل، يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر، ويحل لهم الطيبات، ويحرم عليهم الخبائث، ويضع عنهم