وعن أحمد بن علي أنه قال: سألت أبا الصلت الهروي، فقلت: كيف طابت نفس المأمون بقتل الرضا (عليه السلام) مع إكرامه ومحبته له، وما جعل له من ولاية العهد بعده؟
فقال: إن المأمون إنما كان يكرمه ويحبه لمعرفته بفضله، وجعل له ولاية العهد من بعده ليرى الناس أنه راغب في الدنيا، فيسقط محله من نفوسهم، فلما لم يظهر منه في ذلك للناس إلا ما ازداد به فضلا عندهم ومحلا في نفوسهم، جلب عليه المتكلمين من البلدان طمعا في أن يقطعه واحد منهم، فيسقط محله عند العلماء، وبسببهم يشتهر نقصه عند العامة.
فكان لا يكلمه خصم من اليهود والنصارى والمجوس والصابئين والبراهمة والملحدين والدهرية، ولا خصم من فرق المسلمين المخالفين له، إلا قطعه وألزمه الحجة.
وكان الناس يقولون: والله إنه أولى بالخلافة من المأمون، فكان أصحاب الأخبار يرفعون ذلك إليه، فيغتاظ من ذلك، ويشتد حسده له.
وكان الرضا (عليه السلام) لا يحابي المأمون من حق، وكان يجيبه بما يكره في أكثر أحواله، فيغيظه ذلك، ويحقده عليه، ولا يظهره له، فلما أعيته الحيلة في أمره اغتاله، فقتله بالسم (1).
المأمون يفصح عما في نفسه:
ومما يكشف لنا عن المغزى البعيد لولاية العهد، ما جاء في جواب المأمون