والذي صاروا إليه من الخلاف لكم، والعداوة لكم، والبراءة منكم، والذين تأفكوا به من حياة أبي صلوات الله عليه ورحمته.
وذكر في آخر الكتاب: إن هؤلاء القوم سنح لهم شيطان اغترهم بالشبهة، وليس عليهم أمر دينهم، وذلك لما ظهرت فريتهم، واتفقت كلمتهم، وكذبوا على عالمهم، وأرادوا الهدى من تلقاء أنفسهم، فقالوا: لم ومن وكيف؟ فأتاهم الهلاك من مأمن احتياطهم، وذلك بما كسبت أيديهم، وما ربك بظلام للعبيد، ولم يكن ذلك لهم ولا عليهم، بل كان الفرض عليهم والواجب لهم من ذلك الوقوف عند التحير، ورد ما جهلوه من ذلك إلى عالمه ومستنبطه، لأن الله يقول في محكم كتابه: ﴿ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم﴾ (1) يعني آل محمد، وهم الذين يستنبطون من القرآن ويعرفون الحلال والحرام، وهم الحجة لله على خلقه (2).
الإمام (عليه السلام) يكشف عن دوافع الواقفة:
عن البزنطي، قال: كتبت إليه - يعني الرضا (عليه السلام) - جعلت فداك، إنه لم يمنعني من التعزية لك بأبيك إلا أنه كان يعرض في قلبي مما يروي هؤلاء، فأما الآن فقد علمت أن أباك قد مضى، فآجرك الله في أعظم الرزية، وحباك أفضل العطية، فإني أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، ثم وصفت له حتى انتهيت إليه.
فكتب: قال أبو جعفر (عليه السلام): لا يستكمل عبد الإيمان حتى يعرف أنه يجري لآخرهم ما يجري لأولهم في الحجة والطاعة، والحلال والحرام، لمحمد (صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين فضلهما، وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " من مات وليس له إمام حي يعرف