إرادة الله تحول بينه وبين ما يريد.
فقد روى المسعودي بالإسناد عن سام بن نوح بن دراج، قال: كنا عند غسان القاضي، فدخل إليه رجل من أهل خراسان، عظيم القدر، من أصحاب الحديث، فأعظمه ورفعه وحادثه، فقال الرجل: سمعت هارون الرشيد يقول:
لأخرجن العام إلى مكة، ولآخذن علي بن موسى، ولأردنه حياض أبيه.
فقلت: ما شيء أفضل من أن أتقرب إلى الله تعالى وإلى رسوله، فأخرج إلى هذا الرجل فأنذره، فخرجت إلى مكة، ودخلت على الرضا (عليه السلام) فأخبرته بما قال هارون فجزاني خيرا، ثم قال: ليس علي منه بأس، أنا وهارون كهاتين، وأومأ بإصبعيه (1).
الإمام يعلن إمامته وبعض أصحابه يمانعون:
وقد أصبح الإمام (عليه السلام) مضطرا لإعلان إمامته، ليواجه الانحراف الذي يترأسه أقطاب الواقفة، ولكي يحافظ على قاعدته الشعبية، ومن جهة أخرى فإن الإمام (عليه السلام) كان واثقا من أن الرشيد على ضلاله وطغيانه لن يصل إليه بسوء، وذلك بما تلقاه عن آبائه (عليهم السلام) من أن قاتله غير هارون الرشيد.
وقد حاول جماعة من أصحابه (عليهم السلام) إبعاده عن مواطن الخطر، فطلبوا منه أكثر من مرة أن يتستر في دعوته، ويحتاط لنفسه ولشيعته من أولئك الطغاة الذين لا يرقبون الله تعالى في سلوكهم وتصرفاتهم، لكن الإمام (عليه السلام) لم يعبأ بتلك المحاولات، ولم يغير سلوكه ونهجه في إظهار الدعوة إلى الله تعالى.