الرعية، وفقا لتعاليم الإسلام وآدابه وتشريعاته من المأمون وغير المأمون.
بل كان الإمام (عليه السلام) كارها لها لأن المأمون لم يكن جادا في كل ما كان يتظاهر به من الحب والولاء والعطف على العلويين، بل كان يعمل على تنفيذ لعبته البارعة على أكتاف الإمام الرضا (عليه السلام)، وكان يتزلف إلى العلويين ليحصل على مكاسب سياسية توفر له الأمن والاستقرار، ولأسرته الديمومة في الحكم والاستمرار.
ولو كان المأمون جادا في عرضه الخلافة أو تقليده ولاية العهد، فلماذا يأمر رسوله إلى المدينة أن يأتيه بالإمام مخفورا، ويحدد له طريق البصرة أهواز فارس فمرو؟ وكان بإمكانه أن يخطب باسمه ويدعو له بالخلافة دون أن يجشمه مشقة السفر وعناءه، إذا كان معتقدا بأحقيته بالخلافة.
ولو كان جادا أيضا فلماذا أرجع الإمام (عليه السلام) من صلاة العيد بعد أن دعاه بإصرار ولم يمهله لأدائها بمعناها الروحي السامي بعيدا عن مظاهر الترف والزيف التي التصقت بها من قبل الخلفاء الحاكمين الذين كانوا يستغلونها لعرض قوتهم التي يتمتعون بها، ولتركيز حس الهيبة والعظمة لهم في نفوس الناس.
ولو كان جادا لترك البيعة في اليوم الذي اختاره لعقدها، بسبب قول المنجم:
إن عقد البيعة للرضا (عليه السلام) في هذا الوقت لا يتم، وإنها تدل على نكبة المعقود له، فإن كان باطنه كظاهره لترك عقد البيعة، ولأخره إلى وقت مناسب آخر، لأنه كان يعمل بالنجوم، فقد جاء في وصف محمد بن علي العبدي الأخباري للمأمون بمحضر القاهر بالله العباسي: ثم أفضى الأمر إلى المأمون، فكان في بدء أمره لما غلب عليه الفضل بن سهل وغيره يستعمل النظر في أحكام النجوم وقضاياها، وينقاد إلى موجباتها (1). لكنه لم ينقاد إلى موجباتها في مسألة عقد البيعة بولاية العهد