للإمام (عليه السلام)، فأصر المأمون على عقدها، لأنه يعتقد أن ولاية العهد ما هي إلا مجرد إجراء موقت للحصول على بعض المكاسب السياسية التي توفر عليه وعلى أسرته العباسية الكثير من المتاعب، ودور مرحلي عليه أن ينفذه بإتقان ليخلص إلى النتائج المطلوبة سواء كان الوقت مناسبا أو لا.
ولو كان المأمون جادا ومحبا لأهل البيت (عليهم السلام) كما يقال، لما كتب إلى السري عامله على مصر رسالة يخبره فيها بوفاة الرضا (عليه السلام)، ويأمره بأن تغسل المنابر التي دعي عليها لعلي بن موسى، فغسلت (1).
ومهما كانت الدوافع على هذا الأمر، فلم يجد الإمام بدا من الاستجابة لطلبه بعد أن هدده بالقتل كما قدمنا آنفا، ولا شك أن ثمة أسبابا في نفس المأمون كان يدركها الإمام (عليه السلام) بحسه المرهف وتوسمه وعلمه بالخبر المسبق، وهي التي تبرز لنا بوضوح الوجه الآخر للمأمون الذي يكشف عن الخلفية الواقعية لسياسته ذات البعد الغامض في تركيبة ولاية العهد.
الدوافع السياسية لولاية العهد:
لقد كان المأمون يتمتع بشخصية لعلها من أقوى الشخصيات العلمية والإدارية التي وصلت إلى الحكم من بني العباس، وكان أخوه الأمين منافسه الأول في الحكم لا يملك شيئا من المؤهلات، ومع أن الرشيد يعرف عنهما ذلك فقد قدمه على المأمون، لا لسبب إلا لأنه الولد المدلل لسيدة القصر المفضلة زبيدة بنت جعفر ابن المنصور الدوانيقي. فقد روي عن الرشيد أنه قال: وقد قدمت محمدا - يعني