والخبر الذي نقلناه في مقتل الفضل بن سهل يشير بأصابع الاتهام إلى المأمون في تدبيره قتل الإمام (عليه السلام) والفضل في آن واحد في حمام سرخس، وذلك ضمن مخطط أعده مسبقا ينفذه بعض أذنابه الذين قالوا له: أنت أمرتنا بقتل الفضل، ومع ذلك ضرب أعناقهم، ولقد نجا الإمام (عليه السلام) من شباك هذا المخطط بفضل الرؤيا التي رآها، ورغم امتناع الإمام عن دخول الحمام، فإن المأمون أصر على ذلك، وأعاد عليه الرقعة مرتين، لكن الإمام أصدر أمرا قاطعا في الرفض، ونهى المأمون والفضل عن دخول الحمام ذلك اليوم في جوابه لرقعة المأمون، ولعله أراد بذلك أن يدفع المكيدة عن الفضل أيضا، إلا أن المأمون امتنع عن تحذير الفضل من ذلك قائلا: أما الفضل فهو أعلم وما يفعله.
إذن يبقى الفصل الأخير من مخطط المأمون، وهو قتل الإمام (عليه السلام)، فجعل المأمون يدبر المكيدة ويعمل الحيلة، ويحكم المخطط في هذا السبيل، وذلك تحاشيا من توجه أصابع الاتهام إليه، كما حدث في اغتيال الفضل بن سهل، ورغم ذلك فإنه لم يستطع إخفاء جريمته، فظهرت ملامحها واضحة من خلال مواقفه الشاخصة في التأريخ ضد معارضيه الذين يتودد لهم ومن ثم يقتلهم بطريقة غامضة، ومن خلال فلتات لسانه وطويات نفسه، وذكر كذلك فريق من المؤرخين المنصفين بأنه (عليه السلام) مات مسموما على يد المأمون، كل ذلك يشير من بعيد أو قريب إلى عدم براءة المأمون من دم الرضا (عليه السلام).
في سبب الوفاة:
ذكرنا أن المأمون كان يحكم الخطط لأجل التضليل على الناس وإبعاد الشبهة عن نفسه، وكان نتيجة ذلك أن وقع بعض المؤرخين في تخبط واضح خلال سرد