الطاغية فيما دخلت له، وهم عندك كفار، وأنت ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما حملك على هذا؟!
فقال أبو الحسن (عليه السلام): أرأيتك هؤلاء أكفر عندك، أم عزيز مصر وأهل مملكته؟ أليس هؤلاء على حال يزعمون أنهم موحدون، وأولئك لم يوحدوا الله، ولم يعرفوه؟! ويوسف بن يعقوب نبي ابن نبي، قال للعزيز وهو كافر: ﴿اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم﴾ (1)، وكان يجالس الفراعنة، وأنا رجل من ولد رسول الله (صلى الله عليه وآله) أجبرني على هذا الأمر، وأكرهني عليه، فما الذي أنكرت ونقمت علي؟
فقال: لا عتب عليك، إني أشهد أنك ابن نبي الله، وأنك صادق (2).
لماذا السلبية؟
يواجه الباحث في ظروف وملابسات تلك الفترة العصيبة من حياة الإمام (عليه السلام) عدة تساؤلات، أهمها: لماذا هذه السلبية من الإمام (عليه السلام)؟ ولماذا يكره الإمام (عليه السلام) على قبول ولاية العهد، ولا يكره على قبول الخلافة؟ ولماذا قبل الإمام ولاية العهد بشرط عدم التدخل في شؤون الدولة؟
وباختصار يمكن القول: إن الإمام (عليه السلام) قد رفض التعاون مع المأمون في إنفاذ مهام الدولة وقيادة جهازها، أي رفض الخلافة دون أي قيد أو شرط، وقبل ولاية العهد بالإكراه وبشروط وضعها، كما بيناه آنفا، وذلك لأن نظرته (عليه السلام) للحكم ليست