الفصل السادس عشر شهادته (عليه السلام) لا يمكن للمأمون أن يصل بغداد وفي صحبته الإمام الرضا (عليه السلام) أو الفضل بن سهل، لأن ذلك سيثير رياح الفتن التي لا ينجو منها شخص المأمون، ولا يستطيع الصمود أمامها، دليل ذلك أن العباسيين أجابوا المأمون بأغلظ جواب، وعلى تعبير بعض المؤرخين: بأغلظ ما يكتب إلى أحد. هذا وهو يعلمهم بموت الرضا، وأنهم إنما نقموا عليه لبيعته إياه، فطالبهم بالدخول في طاعته والتسليم لسلطته، لذهاب أسباب النقمة والشغب على المأمون من قبل العباسيين، فكيف سيكون جوابهم لو أخبرهم أنه قادم عليهم بصحبة الرضا (عليه السلام)؟ بلا ريب سيكون السيف والحرب التي لا مناص منها، والتي قد يكون المأمون من ضحاياها.
إذن، لا بد للمأمون أن يتخلص من الأمام (عليه السلام) بعد أن قتل الفضل بن سهل، وعليه أن يتبع أسلوبا يلفه الغموض والإبهام في تصفية الإمام (عليه السلام) ليبقى بعيدا عن مدار الشكوك والشبهات، لأن قتله عيانا سيثير مشاعر المسلمين سيما الشيعة والعلويين، وهو أشد ما يتحاشاه المأمون، فعندئذ سيعطي الشيعة والعلويين الحق في الخروج على حكمه، وسيخسر عند ذلك كل ما كان يتصور أنه قد ربحه في صفقة ولاية العهد.