الحوار وإلزام الحجة:
لقد فتح الإمام (عليه السلام) بابه لأصحابه ودعا لنفسه رغم قناعته بقسوة الظروف التي تكتنف هذا العمل الخطير، وما يترتب عليه من إجراءات تعسفية من قبل السلطة، وذلك لكي يواجه الخطر الآتي من الداخل، خطر الانقسام والتكتل، وليحفظ وحدة أصحابه، ويضطلع بأداء دوره الرسالي والتربوي، ولأنه (عليه السلام) كان واثقا بأن الرشيد لن يمسه بسوء - رغم الرقابة المفروضة على الإمام (عليه السلام) - وذلك بالخبر الموثوق عن آبائه (عليهم السلام) عن جدهم رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فانبرى (عليه السلام) لمناظرة الواقفة ولأكثر من مرة، ليحد من تفشي فكرة الوقف في أوساط شيعته.
1 - عن منصور بن العباس البغدادي، أنه قال: حدثنا إسماعيل بن سهل، قال: حدثني بعض أصحابنا، وسألني أن أكتم اسمه، قال: كنت عند الرضا (عليه السلام)، فدخل عليه علي بن أبي حمزة، وابن السراج، وابن المكاري، فقال له ابن أبي حمزة:
ما فعل أبوك؟ قال: مضى موتا. فقال له: إلى من عهد بعده؟ فقال: عهد إلي. فقال له: فأنت إمام مفترض الطاعة من الله؟ قال: نعم.
قال ابن السراج وابن المكاري: قد والله أمكنك من نفسه. قال: ويلك وبم أمكنته! أتريد أن آتي بغداد، وأقول لهارون: أنا إمام مفترض الطاعة؟ والله ما ذلك علي، وإنما قلت ذلك لكم عندما بلغني من اختلاف كلمتكم، وتشتت أمركم، لئلا يصير سركم في يد عدوكم.
فقال له ابن أبي حمزة: لقد أظهرت شيئا ما كان يظهره أحد من آبائك، ولا يتكلم به، قال: بلى، لقد تكلم خير آبائي رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما أمره الله تعالى أن ينذر عشيرته الأقربين، فلقد جمع من أهل بيته أربعين رجلا، وقال لهم: أنا رسول الله إليكم، فكان أشدهم تكذيبا له وتأليبا عليه عمه أبو لهب، فقال لهم النبي (صلى الله عليه وآله):