لا يألوا جهدا في المحافظة على التراث الذي تحدر إليه من آبائه إطارا ومحتوى، فالرشيد والمأمون كانا قد بنيا على أساس واحد وهو الاحتفاظ بالسلطة وإن اختلف شكل البناء، فلقد دس الرشيد السم للإمام الكاظم (عليه السلام)، ودس المأمون السم للإمام الرضا (عليه السلام)، ولكن المأمون قد استفاد من أخطاء أبيه الرشيد الذي جاهر بالعداء لأهل البيت (عليهم السلام)، فأحكم الخطط لإخفاء جرائمه وآثامه، كما سيأتي بيانه فيما بعد.
إشخاص الإمام (عليه السلام) إلى خراسان:
1 - روى الصدوق في (العيون) بسنده عن جماعة، قالوا: لما انقضى أمر المخلوع، واستوى أمر المأمون كتب إلى الرضا (عليه السلام) يستدعيه ويستقدمه إلى خراسان، فاعتل عليه الرضا (عليه السلام) بعلل كثيرة، فما زال المأمون يكاتبه ويسأله حتى علم الرضا (عليه السلام) أنه لا يكف عنه، فخرج وأبو جعفر له سبع سنين، فكتب إليه المأمون: لا تأخذ على طريق الكوفة وقم (1)، فحمل على طريق البصرة والأهواز وفارس حتى وافى مرو (2).