تأليف الرسالة بطلب من المأمون:
ومن أشهر أسانيد هذه الرسالة هو السند الذي ينتهي إلى الحسن بن محمد بن جمهور، قال: حدثني أبي، وكان عالما بأبي الحسن علي بن موسى الرضا (عليه السلام)، ملازما لحديثه، وكان معه حين حمل من المدينة إلى أن سار إلى خراسان، واستشهد بطوس.
قال: كان المأمون بنيسابور، وفي مجلسه سيدي أبو الحسن الرضا (عليه السلام)، وجماعة من المتطببين والفلاسفة، مثل يوحنا بن ماسويه، وجبرئيل بن بختيشوع، وصالح بن بلهمة الهندي وغيرهم، من منتحلي العلوم، وذوي البحث، فجرى ذكر الطب، وما فيه صلاح الأجسام وقوامها، فأغرق المأمون ومن بحضرته في الكلام، وتغلغلوا في علم ذلك، وكيف ركب الله تعالى في هذا الجسد، وجمع فيه هذه الأشياء المتضادة من الطبائع الأربع، ومضار الأغذية ومنافعها، وما يلحق الأجسام من مضارها من العلل، وأبو الحسن (عليه السلام) ساكت لا يتكلم في شيء من ذلك.
فقال له المأمون: ما تقول يا أبا الحسن، في هذا الأمر الذي نحن فيه هذا اليوم، والذي لا بد فيه من معرفة هذه الأشياء والأغذية النافع منها والضار، وتدبير الجسد.
فقال أبو الحسن (عليه السلام): عندي من ذلك ما جربته، وعرفت صحته بالأخبار ومرور الأيام، مع ما وقفني عليه من مضى من السلف مما لا يسع الإنسان جهله، ولا يعذر في تركه، فإذا أجمع ذلك مع ما يقاربه مما يحتاج إلى معرفته.
وعاجل المأمون الخروج إلى بلخ، وتخلف عنه أبو الحسن (عليه السلام)، وكتب المأمون إليه كتابا يتنجزه ما كان ذكره مما يحتاج إلى معرفته من جهته على ما سمعه