الفصل الخامس مناظراته واحتجاجاته (عليه السلام) روي عن الإمام الرضا (عليه السلام) أنه ناظر فرقا ومللا مختلفة، كان من بينهم علماء أهل الكتاب اليهود والنصارى، وناظر أيضا المجوس والصابئة والزنادقة، وناظر أصحاب المقالات من فرق المسلمين المختلفة في مسائل الاعتقاد وأصول الإسلام وشتى الموارد التي شاع فيها الجدل وكانت متسعا للصراع بين المعتزلة والأشاعرة وغيرهم من سائر الفرق ومحدثي الأمة وفقهائها، وهي امتداد لما احتج به وناظر جده وأبوه.
ومناظرات الإمام الرضا (عليه السلام) وأجوبته وجملة محاوراته تستحق التأمل والتوقف، لأنه (عليه السلام) كان بإزاء المأمون العباسي الذي كان يتبنى مذهب الاعتزال أولا، ثم إنه باعتباره حاكما وخليفة يرى في الإمام (عليه السلام) منافسا لا يجارى في العلم والفضل ومكارم الأخلاق، فأعد مزيدا من مجالس النظر مع سائر الفرق والملل وأصحاب المذاهب المختلفة، وكان يدعو عمالقة الفكر وأفذاذ العلم وزنادقة العصر وأصحاب الجدل وأهل الأديان، لزج الإمام (عليه السلام) في معترك الحوار المعقد مع سائر المناظرين، وكان عصره من أشد العصور انفتاحا بين أهل الكلام والفرق والآراء الشاذة.