نعم، لم يكن متحرزا لدينه إلى حد التنازل عن الحكم العباسي لخصومهم العلويين لنذر ألزم نفسه به، كيف ذلك وهو الذي ضحى بعشرات الألوف من العباسيين وغيرهم من الأبرياء لأجل الحكم، ونصب رأس أخيه في صحن الدار على خشبة، وأمر بلعنه، كما تقدم بيانه!
وعندما اطلع المأمون على مؤامرة ابن عائشة الرامية إلى إعادة إبراهيم بن المهدي للخلافة سنة 210 ه، انتقم المأمون من ابن عائشة انتقاما شديدا، فقد أمر أن يقام ثلاثة أيام في الشمس على باب دار المأمون، ثم ضربه بالسياط، ثم أمر بحبسه في المطبق، وفعل قريبا من ذلك بمن كانوا معه... ثم أمر المأمون بعد ذلك بابن عائشة فقتل وصلب، وهو أول مصلوب في الإسلام من بني العباس، وقتل معه ثلاثة من رؤوس المتآمرين (1).
هذا هو تعامل المأمون مع منافسيه على الحكم، فكيف يسلم السلطة إلى خصومه لأجل الوفاء بالنذر، ولو صح ذلك فإنما هو تبرير وذريعة قدمها المأمون لتضليل الرأي العام، وتعمية الأمر عليهم، بسلامة قصده في إكراه الإمام (عليه السلام) على قبول ولاية العهد.
3 - في تشيع المأمون:
أما ما قيل من أن تشيع المأمون هو السبب الذي دفعه لتولية العهد للإمام (عليه السلام)، حتى بالغ السيوطي في ذلك فقال: في سنة إحدى ومائتين خلع المأمون أخاه المؤتمن من العهد، وجعل ولي العهد من بعده علي الرضا، حمله على ذلك إفراطه