كما قد يكون ذلك إشاعة من عند الفضل نفسه، ليحفظ مركزه عند الرأي العام، باعتباره صاحب الكلمة والسلطة على تصرفات المأمون، وأن الأخير لا يستطيع خلافه في شيء، وأنه قادر على نقل السلطة من قبيلة إلى قبيلة كما فعل أبو مسلم الخراساني حيث نقلها من الأمويين إلى العباسيين.
2 - في نذر المأمون:
الواضح من خلال الأحاديث التي تعزو السبب إلى نذر المأمون، أن المدبر الأساس وصاحب الفكرة في تولية العهد للإمام (عليه السلام) هو المأمون وليس ثمة أحد سواه، وذلك لأجل أهداف سياسية تعود في مصلحة حكمه بشكل خاص والسلطة العباسية بشكل عام، ولو صح ما قيل من حديث النذر، فقد وضع المأمون حججا واهية لتبرير هذا العمل، كان من ضمنها حكاية النذر، في أن يجعل الخلافة في أفضل آل أبي طالب، لو أظفره الله بأخيه الأمين، فكانت ولاية عهده للإمام (عليه السلام) وفاء لهذا النذر!
وهذا الأمر في منتهى الغرابة أيضا، لأن المأمون لم يكن ملتزما ومتحرزا لدينه إلى حد الوفاء بالنذر، فقد روي أنه كان يشرب النبيذ، وقيل: بل كان يشرب الخمر (1).
وقال الصولي: اقترح المأمون في الشطرنج أشياء، وكان يحب اللعب بها، ويكره أن يقول: نلعب بها، بل يقول: نتناقل بها (2).